المستطيع لا يكاد يكون موضوعاً لوجوب الحجّ ما لم يجعله الشارع موضوعاً ليترتّب عليه وجوب الحجّ ـ وهو أنّ موضوعية الموضوع منتزعة من جعل الحكم وارداً عليه ، نظير السببية والشرطية لما هو شرط التكليف وسببه ، بل سيأتي أنّ موضوعية الموضوع عين سببية السبب وشرطية الشرط ، لكن هذا ـ أعني كون موضوعية الموضوع منتزعة من جعل الحكم له ـ لا دخل له بما هو الظاهر من صدر العبارة ، وهو كون الموضوع للحكم التأسيسي من المخترعات الشرعية ، مضافاً إلى أنّ كون موضوعية الموضوع منتزعة من جعل الحكم له لا يختصّ بكون الجاعل للحكم هو الشارع ، بل هو جارٍ في الأحكام المجعولة عرفاً ، فتأمّل.
وقال السيّد سلّمه الله في تحريره : ثمّ إنّ ما ذكرناه من كون الأحكام الوضعية كلّها إمضائية غير تأسيسية إنّما هو بالقياس إلى أنفسها ، وأمّا بالقياس إلى موضوعاتها فقد تكون تأسيسية وقد تكون إمضائية ، مثلاً اعتبار الملكية بنفسه أمر إمضائي ، ولكن اعتبار الفقير أو السيّد موضوعاً لها فهو تأسيسي لا إمضائي ، إذ ليس من هذا الاعتبار عند العقلاء عين ولا أثر ... الخ (١).
وفيه تأمّل ، لما عرفت من أنّ المراد من التأسيس ليس هو اختراع النوع ، بل هو اعتبار الملكية مثلاً في مورد لم يعتبرها العقلاء فيه ، كما في ملكية الزكاة. وعلى كلّ حال ، فحاصل ما أُفيد هو كون التأسيس في الموضوع لا في الحكم ، وذلك عبارة أُخرى عن التأسيس في جعل ذلك الحكم لذلك الموضوع ، فلا يكون قولنا إنّه تأسيس في الموضوع للحكم العرفي إلاّمن قبيل تغيير العبارة ، ومن الواضح أنّ العقلاء عندهم حكم هو الوجوب وهو التحريم ووو ، فنقول : إنّ
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٧٥.