للطهارة من الحدث ، أو سببية الغسل للطهارة من الخبث ، أو سببية ملاقاة النجس لنجاسة الملاقي ، أو سببية الجنابة أو النوم للحدث الأكبر أو الأصغر ، فكونها ممّا نحن فيه متوقّف على كون هذه المسبّبات من المجعولات الشرعية أو كونها من الأُمور الواقعية التي كشف عنها الشارع ، فعلى الأوّل تدخل فيما نحن فيه ، بخلافه على الثاني فإنّها بناءً عليه تكون من الأسباب الواقعية التي لا مدخل فيها للجعل الشرعي. نعم تلك المسبّبات الواقعية لها آثار تكليفية مثل حرمة مس المصحف وحرمة الأكل وجواز الصلاة ونحو ذلك ، وذلك مطلب آخر لا دخل له بما نحن فيه.
وعلى أيّ ، فقد اختلفوا في الأسباب الشرعية مثل ما عرفت من الدلوك بالنسبة إلى وجوب الصلاة ، ومثل التنكيل بالنسبة إلى الانعتاق ، والأقوال في ذلك أربعة :
الأوّل : أنّ نفس السببية مجعولة ، وأنّه لا جعل للشارع إلاّهذا المقدار ، فيجعل الدلوك سبباً لوجوب الصلاة والتنكيل سبباً للانعتاق.
الثاني : أنّ المجعول الشرعي هو نفس المسبّب عند وجود ذات السبب ، فليس المجعول إلاّ الوجوب عند الدلوك والحرّية عند التنكيل.
الثالث : أنّ المجعول كلّ منهما ، فيجعل الدلوك سبباً لوجوب الصلاة ويجعل وجوب الصلاة عند الدلوك.
الرابع : أنّ السببية ذاتية غير قابلة للجعل ، فالدلوك بذاته علّة لوجوب الصلاة وهكذا ، ولازمه أنّه لا جعل للشارع أصلاً لا في ناحية السببية ولا في ناحية المسبّب. أمّا الأوّل فلكونها ذاتية للدلوك ، وأمّا الثاني فلأنّ حصول المسبّب عند