فهو كالسببية والشرطية والمانعية والرافعية لما هو سبب التكليف وشرطه ومانعه ورافعه. وبعد أن تكلّم عن سبب التكليف وفرغ من إقامة البرهان على عدم جعله ، قال : فظهر بذلك أنّه لامنشأ لانتزاع السببية وسائرما لأجزاء العلّة للتكليف إلاّماهي عليها من الخصوصية الموجبة لدخل كلّ فيه على نحوغيردخل الآخرفتدبّرجيّداً (١).
ومراده من سائر أجزاء علّة التكليف هو الشرط والمانع بالنسبة إلى التكليف دون ما هو شرط السبب ومانعه ، ولو قلنا بأنّ شرط التكليف ومانعه هو شرط سببه ومانعه ، فلا ريب أنّ جزء السبب غير داخل في ذلك.
وبالجملة : لا أقل من أنّ صاحب الكفاية قدسسره لم يتعرّض لجزء السبب وراجعت الحاشية على الرسائل فلم أجده تعرّض لجزء السبب.
وعلى كلّ حال ، أنّ جزء السبب قد تقدّم الكلام على إمكان دعوى كون جزئية جزء السبب أو شرطيته أو مانعيته مجعولة ، وإن لم تكن نفس السببية مجعولة ، فضلاً عمّا احتملناه أخيراً من إمكان كون السببية مجعولة بعين جعل الحكم منوطاً بالسبب ، هذا في غير السببية الافاضية ، وأمّا السببية الافاضية بالنسبة إلى نفس المجعول ، فقد عرفت أنّها لا أصل لها في باب الأحكام الشرعية ، وأنّ كلاً من القول بكونها ذاتية ، والقول بكونها مجعولة أصالة أو تبعاً أو انتزاعاً لا أصل له أيضاً ، ولا ينبغي نسبته لأحد.
قول صاحب الكفاية قدسسره : والتحقيق أنّ ما عدّ من الوضع على أنحاء : منها ما لا يكاد يتطرّق إليه الجعل تشريعاً أصلاً ، لا استقلالاً ولا تبعاً ، وإن كان مجعولاً تكويناً عرضاً بعين جعل موضوعه كذلك ـ ثمّ قال ـ أمّا النحو الأوّل فهو كالسببية والشرطية ... الخ (٢).
لا يخفى أنّ صاحب الكفاية قدسسره بنى على أنّ السببية في مثل قوله : الدلوك
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٠٠ ـ ٤٠١.
(٢) كفاية الأُصول : ٤٠٠ ـ ٤٠١.