منع من ذلك ، وأجازه شيخنا قدسسره (١) ، هذه خلاصة ما تقدّم في مباحث القطع.
ولكن حدثت هنا عندنا مسألة لعلّها راجعة إلى ذلك المبحث ، وهي أنّ الشارع قد قال : إذا قطعت بوجود شيء وحصل لك الشكّ في بقائه فلا تنقض يقينك بالشكّ المذكور ، بل يلزمك الجري على طبق يقينك السابق إلى أن يحصل لك القطع بارتفاع ذلك الشيء الذي قطعت بوجوده ، فاليقين في هذه القضية قد أُخذ موضوعاً للحكم المذكور ، أعني لزوم البقاء عليه وعدم نقضه بالشكّ ، فلو لم يكن عندنا يقين بوجود ذلك الشيء ، لكن كان لدينا أمارة قائمة على وجوده ، أو كان لنا أصل يحكم بوجوده ، فلا شبهة في حجّية تلك الأمارة أو ذلك الأصل ، وأنّ ذلك يكون قائماً مقام القطع بوجود ذلك الشيء إمّا في خصوص النحو الأوّل من الآثار السابقة الذكر كما يدّعيه صاحب الكفاية ، أو في جميع الآثار حتّى الثاني والثالث كما يدّعيه غيره ، وليس هذا التعميم من باب أنّ موضوع تلك الآثار هو الأعمّ من اليقين الوجداني واليقين التعبّدي ، بل هو من باب حكومة دليل اعتبار الأمارة والأصل على الأدلّة المتكفّلة لتلك الآثار. والظاهر أنّ هذه الحكومة ظاهرية بالنسبة إلى الأثر الأوّل ، وواقعية بالنسبة إلى الأثر الثاني والثالث ، نظير « الطواف بالبيت صلاة » (٢).
ولكن لو شككنا في بقاء ذلك الشيء الذي ثبت وجوده بالأمارة أو بالأصل ، فهل نكون بذلك داخلين في القضية المشار إليها ، أعني مفاد « لا تنقض اليقين بالشكّ » ، بدعوى أنّ مفاد حجّية الأمارة أو الأصل المذكور هو كون الاحراز الحاصل منهما بمنزلة اليقين ، حتّى في هذا الأثر وهو عدم جواز نقضه بالشكّ ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢١.
(٢) مستدرك الوسائل ٩ : ٤١٠ / أبواب الطواف ب ٣٨ ح ٢.