بالنجاسة واستصحبنا نجاسته ، ثمّ طرأ الشكّ في طهارته من جهة احتمال ملاقاته للكر ، أو من جهة وقوع قطرة من المطر فيه مع احتمال كون القطرة الواحدة مطهّرة ، فالأوّل على نحو الشبهة الموضوعية والثاني من قبيل الشبهة الحكمية ، فكان لذلك الماء آنات ثلاثة : الأوّل آن تغيّره بالنجاسة ، وذلك هو آن اليقين بنجاسته ، الثاني هو آن زوال تغيّره ، والثالث هو آن احتمال اتّصاله بالكرّ أو وقوع قطرة المطر فيه ، وبالاستصحاب سحبنا الحكم بنجاسته من الآن الأوّل إلى الآن الثاني ، أمّا في الآن الثالث فلو أردنا سحب النجاسة الواقعية من الآن الأوّل إليه ، توجّه إشكال عدم اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ، لكون الآن الثاني فاصلاً ، ولو قلنا بأنّ تلك النجاسة نسحبها من الآن الأوّل إلى مجموع الآنين بعده ، توجّه الإشكال بأنّ معنى بقاء تلك النجاسة هو أنّها لا تزول بزوال التغيير ، فلا يكفي في أنّها لا تزول باحتمال اتّصاله بالكرّ بعد زوال التغيير.
وبالجملة : لابدّ لنا أن نقول : إنّ الآن الثاني ينسحب إليه الحكم من الآن الأوّل ، والآن الثالث ينسحب إليه الحكم من الآن الثاني. أمّا دعوى انسحاب الحكم من الآن الأوّل إلى مجموع الآنين المتأخّرين مع فرض اختلاف منشأ الشكّ فيهما ، فهي في غاية الإشكال.
والحاصل : أنّ الشكّ في الآن الثالث إنّما هو في بقاء حكم الآن الثاني والشكّ في الآن الثاني إنّما هو في بقاء حكم الآن الأوّل ، ولو قلنا إنّا في الآن الثالث شاكّون في بقاء حكم الآن الأوّل لم يتّصل زمان الشكّ بزمان اليقين ، والقول بأنّ الشكّ في مجموع الآنين المتأخّرين واحد وهو الشكّ في بقاء حكم الآن الأوّل ، يدفعه أنّ علّة الشكّ في الآنين مختلفة ، وذلك عبارة أُخرى عن تعدّد الشكّ فيهما ، فإنّ كلّ علّة لها معلول مستقل غير المعلول للعلّة الأُخرى.