قبل احتمال اتّصاله بالكرّ ، وهذا نظير ما حقّقناه في محلّه (١) من أنّ استصحاب عدم الحجّية لا يجري عند الشكّ في الحجّية ، لأنّ الشكّ في الحجّية يوجب القطع الوجداني بعدم الحجّية ، بخلاف استصحاب الحجّية فإنّه حاكم على مقتضى الشكّ في الحجّية ، فتأمّل فإنّ الظاهر أنّه لا مانع في الفرض الأوّل من استصحاب الطهارة الظاهرية الثابتة باستصحاب الطهارة الواقعية ، وهذا الاستصحاب يكون حاكماً على قاعدة الطهارة. نعم إنّ استصحاب الطهارة الثابتة بقاعدة الطهارة لا يجري في مورد قاعدة الطهارة كما تقدّم ، هذا.
وقد عرفت فيما سبق أنّه يمكن الرجوع حال الشكّ الثاني في الفرع الأوّل إلى أصالة العدم في ملاقاة النجس مثلاً ، وفي الفرع الثاني إلى أصالة عدم الاتّصال بالكرّ مثلاً ، وبعد جريان أصالة العدم ينفتح لنا باب إجراء استصحاب الطهارة الواقعية في الفرع الأوّل واستصحاب النجاسة الواقعية في الفرع الثاني ، وتكون أصالة العدم في حال الشكّ الثاني مزيلة للشكّ الثاني ، وموجبة لبقاء الموضوع على حاله ، أعني أنّه ماء لم تطرأه النجاسة الثانية ، أو أنّه ماء متغيّر زال تغيّره ولم يتّصل بالكرّ ، فيندرج الأوّل في موضوع استصحاب الطهارة الواقعية ، والثاني في موضوع استصحاب النجاسة الواقعية ، ويكون الجاري في حال كلا الشكّين هو الجاري في حال الشكّ الأوّل ، حتّى لو كان الجاري في الشكّ الأوّل هو قاعدة الطهارة في الشبهة الحكمية ، بأنّ شكّ في نجاسة عرق الجنب من الحرام وأجرينا قاعدة الطهارة فيه ، ثمّ طرأ الشكّ في ملاقاته للنجاسة ، فإنّ أصالة العدم الجارية في الشكّ الثاني الذي هو من قبيل الشبهة الموضوعية ينفتح به إجراء قاعدة الطهارة في الشبهة الحكمية ، فيقال : هذا العرق الذي لم يلاق النجاسة نشكّ في
__________________
(١) راجع المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٦٦.