المتيقّن ، لزمنا القول بمقالة الكفاية (١) من أنّ مفاد الاستصحاب هو جعل الملازمة بين وجود الشيء وبقائه ، وهو ما يأتي في الشقّ الآتي.
وبالجملة : أنّ عدم النقض بالشكّ ليس من آثار نفس الواقع ، كي يتمّ لنا أن نقول إنّ قيام الأمارة على طهارة الشيء لمّا كان مفاد دليل حجّيتها هو تنزيل الطهارة التي أدّت إليها الأمارة منزلة الطهارة الواقعية ، كان ذلك مقتضياً لأن تكون هذه الطهارة التي أدّت إليها ممّا يحرم نقضها بالشكّ ، وحينئذ لا تتمّ الحكومة الأُولى ، فلاحظ.
قال قدسسره : نعم ، لو كان مفاد الأمارة مجرّد جعل الحجّية بلا لسان تنزيل فيه مثبت للواقع ، إذ فيه ربما يشكل أمر الاستصحاب ، سواء تعلّق النقض بنفس اليقين أو الواقع (٢).
أمّا الأوّل ، فلأنّ مجرّد جعل حجّية الأمارة القائمة على الطهارة لا يولّد يقيناً بالطهارة كي تدخل بذلك في مفاد « لا تنقض اليقين ». وجوابه هو أنّ معنى جعل الحجّية هو جعل الوسطية في الإثبات ، وذلك عبارة أُخرى عن جعل العلم واليقين كما شرحه شيخنا قدسسره ، فراجعه وما علّقناه عليه (٣).
وأمّا الثاني ، فلأنّ جعل الحجّية لا يوجب تنزيل الطهارة التي هي مؤدّى الأمارة منزلة الطهارة الواقعية ، كي بذلك يترتّب عليها أثر الطهارة الواقعية وهو حرمة نقضها بالشكّ. وفيه : أنّ جعل الحجّية يوجب تنجيز آثار الواقع عند
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٠٥.
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٣٧٦ [ لا يخفى أنّ لفظ « إذ فيه » لم يرد في الطبعة الحديثة من المقالات وإنّما هو موجود في الطبعة القديمة ].
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ١٧ و ١٠٦ ، راجع أيضاً المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٨١ وما بعدها.