الاستثنائي المتعرّض لاثبات المقدّم ، نظير قولنا : لو كانت الشمس طالعة كان النهار موجوداً ، لكن الشمس طالعة فالنهار موجود ، وهكذا نقول فيما نحن فيه : لو كانت الطهارة الواقعية موجودة لبقيت تعبّداً في مقام الشكّ في بقائها ، وهذا بدليل الاستصحاب ، لكن الطهارة الواقعية موجودة وهذا بحكم الأمارة ، فتكون النتيجة أنّ الطهارة الواقعية هنا باقية تعبّداً.
قال قدسسره : ولكن لا يخفى ما فيه ، من أنّ لازم ذلك وقوع المعارضة بين قاعدة الشكّ بعد الفراغ والبيّنة السابقة على الحدث السابق ، فلا وجه لتخصيص تعارضه بالاستصحاب كي يرفع اليد عن الاستصحاب بالقاعدة من جهة لزوم قلّة الموارد أو انتفائها (١).
من شكّ بعد الفراغ في أنّ صلاته كانت مع الطهارة أو الحدث ، فالاستصحاب قاض بحدثه ، لكن قاعدة الفراغ حاكمة عليه بالنسبة إلى صحّة صلاته ، وإن بقي جارياً فيما يأتي من الصلوات الآتية ، فيلزمه الوضوء لها. أمّا لو قامت عنده بيّنة بعد الفراغ بأنّ صلاته كانت مع الحدث ، كانت تلك البيّنة حاكمة على قاعدة الفراغ ، هذا حال البيّنة والاستصحاب الجاريين بعد الفراغ من الصلاة. وأمّا لو كان أحدهما جارياً قبل دخوله في الصلاة ، بأن قامت عنده البيّنة أو الاستصحاب على أنّه محدث ، فغفل وصلّى وقد علم أنّه لم يتوضّأ في حال غفلته لم يكن مورداً حينئذ لقاعدة الفراغ ، وكانت البيّنة السابقة والاستصحاب السابق قاضيين بفساد صلاته ، كما شرحناه في مسألة اعتبار الشكّ الفعلي في الاستصحاب (٢)
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٣٧٦.
(٢) مرّ شرحه في الحاشيتين المتقدّمتين في الصفحة : ١٢ و ١٥.