تحقّق أنّ قاعدة الفراغ حاكمة على الاستصحاب الجاري بعد الفراغ من الصلاة وهذا ـ أعني كون القاعدة حاكمة على الاستصحاب الجاري بعد الفراغ ـ هو العمدة في اندفاع الإشكال على مسلكه المبني على كون مفاد دليل حجّية الأمارة هو تتميم الكشف ، وعلى المسلك الآخر المبني على تنزيل مؤدّاها منزلة الواقع.
أمّا على مسلكه فإنّ أقصى ما فيه أنّ قيام الأمارة يولّد اليقين التعبّدي ، فيدخل في قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين بالشكّ » الذي هو دليل الاستصحاب ، لكن قاعدة الفراغ حاكمة على دليل الاستصحاب.
وأمّا على المسلك الآخر فلأنّ دليل الأمارة وإن كان مفاده ترتيب آثار الواقع على مؤدّاها ، ومن جملة تلك الآثار الثابتة للواقع هو أنّه لا ينقضه الشكّ وهو مفاد دليل الاستصحاب ، لكن دليل قاعدة الفراغ حاكم بسقوط هذا الأثر ، فلا يبقى لمفاد دليل الأمارة إلاّباقي الآثار المترتّبة على الواقع ، ولأجل ذلك قال : ولا يرد هذا الإشكال على تقريبنا أو التقريب الآخر الموجب للحكومة ، لإمكان دعوى كون جريان القاعدة موجباً لتخصيص دليل البيّنة بلحاظ بعض آثاره الذي هو حرمة نقض يقينه بالشكّ ، فتبقى البيّنة على حجّيتها بالنسبة إلى سائر الآثار ( لكنّه قدسسره قال ) وذلك بخلاف فرضنا ( يعني به ما فرضه صاحب الكفاية من كون مفاد دليل الأمارة هو مجرّد جعل الحجّية ، وكون مفاد دليل الاستصحاب هو جعل الملازمة بين ثبوت الشيء واقعاً والحكم التعبّدي ببقائه ) إذ الملازمة الثابتة بالاستصحاب إنّما هي بين البقاء التعبّدي وبين الثبوت الحقيقي على الاطلاق ، ولازمها وقوع المعارضة بالفرض (١) بين دليل البيّنة حتّى بلحاظ سائر الآثار وبين تلك القاعدة ( الفراغ ) أيضاً ( وإنّما قال : حتّى بلحاظ سائر الآثار ، لأنّ المفروض
__________________
(١) في المصدر المطبوع حديثاً صحّحت العبارة هكذا : وقوع المعارضة [ بالعرض ].