الاستصحاب من أنّه عدم نقض اليقين بالشكّ ، وأين هذا من الملازمة بين تحقّق الشيء واقعاً وبقائه تعبّداً. ولقد أورد على نفسه بهذا الإيراد وأجاب عنه : بأنّ اليقين المأخوذ في دليل الاستصحاب مأخوذ على نحو الطريقية ، وليس مراده من الجواب المذكور أنّ اليقين لمّا كان مأخوذاً على نحو الطريقية صحّ أن يقوم مقامه كلّ ما هو مجعول الطريقية والحجّية ، فإنّه هدم لما بنى عليه من عدم قيام تلك الأُمور مقام القطع الطريقي ، ومن أنّه ليس المجعول هو الحجّية وإنّما المجعول هو التنجّز والمعذورية ، كما أنّه بناءً عليه لا حاجة إلى دعوى كون مفاد الاستصحاب هو الملازمة المذكورة.
بل مراده من الجواب المذكور أنّ اليقين لمّا أُخذ على نحو الطريقية كان عبارة عن المتيقّن ، فيكون محصّل الاستصحاب هو المنع عن نقض الأمر الواقعي الذي هو المتيقّن ، ومرجعه إلى أنّ الواقع لا ينقض بالشكّ ، بل يلزم الحكم ببقائه على تقدير تحقّقه ، وهو ما ذكره من الملازمة.
ولكن لا يخفى أنّ هذا الجواب بعد تفسيره بهذا التفسير يكون مناقضاً لما أفاده في مقام الاستدلال على عدم الفرق بين الشكّ في المقتضي والشكّ في الرافع ، من أنّ الملحوظ في عدم النقض هو اليقين لا نفس الأمر الواقعي الذي تعلّق به اليقين.
قلت : ثمّ لا يخفى أنّ ما أفاده في الكفاية من كون مفاد الاستصحاب هو الملازمة بين ثبوت [ شيء ] وبقائه ، لا ينفع في تصحيح الاستصحاب في موارد قيام الأمارة بناءً على ما أفاده من كون مفاد حجّيتها هو مجرّد التنجيز والمعذورية ، فإنّ ذلك ـ أعني التنجيز والمعذورية ـ لا يثبت الواقع كي يتحقّق بذلك أحد طرفي الملازمة أعني ثبوت الشيء ، وحينئذ فلا يتمّ ما أفاده بقوله : ووجه الذبّ بذلك أنّ