وما ذكره في هذا التنبيه ، انتهى.
قلت : لكن الظاهر أنّ المانع له من جعلها قائمة مقام القطع المأخوذ في الموضوع على نحو الطريقية هو ما أفاده في ذلك المبحث من عدم إمكان الجمع بين التنزيلين ، ومقتضى ذلك هو كون مفاد الحجّية عنده هو التنزيل ، لا أنّ المجعول بها هو التنجيز والمعذورية ، وأمّا ما ذكره في هذا التنبيه فقد عرفت أنّ الظاهر منه هو إخراج المسألة عن قيام الأمارة مقام القطع الطريقي الموضوعي ، وذلك بجعل مفاد الاستصحاب هو الملازمة المذكورة ، وجعل مفاد الأمارة تنجيز الواقع المفروض أنّه محكوم بالبقاء عند الشكّ في بقائه ، فلاحظ وتأمّل.
وأمّا ما نقله قدسسره عن السيّد العلاّمة الشيرازي قدسسره في جعل الحجّية فهو ما اختاره هو قدسسره في جعل الحجّية من كون المجعول هو نفس الحجّية بلا تنزيل في البين ، لكن قد أشكلنا في محلّه على قيامها مقام العلم الموضوعي الطريقي بأنّ مجرّد جعل الحجّية لا يفي إلاّبقيامها مقام القطع الطريقي الصرف ، إلاّ إذا كانت في البين قرينة تدلّ على أنّ الموضوع هو الأعمّ من الاحراز الوجداني والتعبّدي ، ولا يبعد أن يكون ذلك التعميم مستفاداً من قولهم : « لا تنقض اليقين بالشكّ » خصوصاً إذا جعلناه إمضاءً للسيرة العقلائية ، بعد فرض كون السيرة جارية على الأخذ بما قام عليه الطريق ، وعدم الاعتناء باحتمال الرافع له.
وينبغي مراجعة الكفاية في مسألة البقاء في باب التقليد وذلك قوله : فلا مجال لاستصحاب ما قلّده لعدم القطع به سابقاً ، إلاّعلى ما تكلّفنا في بعض تنبيهات الاستصحاب الخ (١) فإنّ الشكّ في تلك المسألة لم يكن فعلاً في الحكم الواقعي ، إذ لا إشكال في بقاء الحكم الواقعي في تلك المسألة لو كان موجوداً ، وإنّما كان الشكّ فيها ممحّضاً للشكّ في بقاء الحكم الظاهري ، فراجع وتأمّل.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٧٨.