الكلّي بعد القطع بموت البقة ، ومن الواضح أنّ ارتفاع الكلّي ليس مسبّباً ومعلولاً لعدم حدوث الفيل ، بل هو معلول لكون الحادث هو البقة التي علم بارتفاعها. ثمّ إنّه لو سلّمت هذه السببية فهي غير شرعية. ولو سلّمنا كونها شرعية فليس كلّ أصل جرى في السبب الشرعي يكون حاكماً على الأصل الجاري في المسبّب ، بل لابدّ في ذلك من كون ذلك الأصل الحاكم مزيلاً للشكّ فيما هو مجرى الأصل المحكوم على ما يأتي تفصيله.
والأولى أن يقال : إنّ الشكّ والتردّد في بقاء الكلّي وارتفاعه مسبّب عن الشكّ والتردّد بين كون الحادث هو الفيل فيترتّب عليه بقاء الكلّي ، وكون الحادث هو البقة فيترتّب عليه ارتفاع الكلّي ، وحينئذ يكون أصالة عدم حدوث الفيل قاضياً بارتفاعه وعدم بقائه ، كما أنّ أصالة عدم حدوث البقة يكون قاضياً ببقائه وعدم ارتفاعه ، لكن الأصل الأوّل معارض بالأصل الثاني ، ومقتضاه الرجوع إلى الأصل في المسبّب القاضي بالبقاء وعدم الارتفاع ، لكن يبقى الإشكال بأنّ السببية ليست بشرعية ، مضافاً إلى الإشكال بأنّ الأصل في هذا السبب لا يزيل الشكّ في المسبّب.
قوله : والسرّ في ذلك : هو أنّ أصالة الحل لا تثبت كون الحيوان المتّخذ منه اللباس من الأنواع التي خلقها الله تعالى مأكولة اللحم ... الخ (١).
لا يخفى أنّه قدسسره قد أشكل في مسألة اللباس المشكوك (٢) على التمسّك بأصالة حلّ أكل لحم الحيوان لجواز الصلاة فيما يؤخذ منه أوّلاً : بأنّ عدم جواز الصلاة في شعره وحرمة أكل لحمه ، وكذا جواز الصلاة في شعره وحلّية أكل لحمه
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤١٧.
(٢) رسالة الصلاة في المشكوك : ٣٢٠ وما بعدها.