حكمان كلّ منهما في عرض الآخر ، واردان على الحيوان الكذائي كالأرنب ، وهما معاً ناشئان عن علّة ثالثة ، لا أنّ أحدهما مسبّب عن الآخر كي يكون الأصل في أحدهما حاكماً على الأصل في الآخر.
وثانياً : أنّا لو سلّمنا أنّ جواز الصلاة مشروط بحلّية الأكل ، بحيث كانت حلّية الأكل بمنزلة الموضوع لجواز الصلاة ، فكانت سببية جواز الأكل لجواز الصلاة سببية شرعية ، لم تكن قاعدة الحل في الحيوان مسوّغة للصلاة في شعره ، من جهة أنّ جواز الصلاة مرتّب على الحلّية الواقعية الثابتة للشيء بعنوانه الأوّلي ، وهذا لا يمكن إحرازه بقاعدة الحل. نعم لو كان الجاري هو الاستصحاب لأمكن الاعتماد عليه في جواز الصلاة من جهة كونه من الأُصول الاحرازية ، فأصالة الحل لا تنفع في جواز الصلاة إلاّ إذا قلنا بأنّ جواز الصلاة مرتّب على الأعمّ من الحلّية الذاتية الواقعية أو الحلّية الترخيصية الظاهرية ، بحيث كان دليل الشرط يشمل الحلّية الثابتة بقاعدة [ الحل ] فإنّه حينئذ يمكن الاعتماد عليها في جواز الصلاة ، ويكون المكلّف حينئذ ببركة قاعدة الحل واجداً لما هو الشرط واقعاً.
ولا يخفى أنّ هذا الذي أفاده إنّما يصحّ مثالاً لما نحن بصدده بما أُفيد ثانياً لا بما أُفيد أوّلاً ، فإنّ ما أُفيد أوّلاً لا يكون فيه سببية ولا مسبّبية ، بل يكون كلّ من الحكمين المذكورين واقعاً في عرض الآخر ، ويكونان معاً ناشئين عن ملاك واحد وهو المفسدة الموجبة لحرمة الأكل ولعدم جواز الصلاة فيما يؤخذ منه الذي هو عبارة عن المانعية ، فلا يكون الأصل الجاري في حرمة الأكل نافعاً في ناحية جواز الصلاة في شعره ، حتّى لو كان ذلك الأصل هو الاستصحاب. نعم بناءً على الوجه الثاني يكون استصحاب الحرمة أو استصحاب حلّ الأكل نافعاً في الناحية المذكورة.