تبيّن الخلاف.
وقد تعرّضنا لهذا الإشكال في باب الاجزاء (١) وذكرنا أنّ الإشكال إنّما يتوجّه لو قلنا إنّ قاعدة الطهارة وكذا قاعدة الحل مفادها مجرّد جعل الحكم في مورد الشكّ ، وأنّها لا تتضمّن التنزيل ، وذكرنا أنّه يتوجّه على هذا القول لوازم أُخر لا يمكن الالتزام بها ، وبيّنا هناك أنّها تتضمّن الحكم بتنزيل ما شكّ في طهارته منزلة الطاهر الواقعي ، وبه يندفع الإشكال بحذافيره ، ولازم ذلك هو أنّه لو كانت الشرطية فيما نحن فيه مرتّبة على حل الأكل ، لكانت قاعدة الحل نافعة في جواز الصلاة فيما يؤخذ منه ، ولا يمكن القول بأنّها غير نافعة ، إلاّبأن نقول بأنّ كلاً من الشرطية وجواز الأكل وكذلك المانعية وعدم جواز الأكل حكمان كلّ منهما واقع في عرض الآخر ، فلا يكون الأصل الجاري في أحد الحكمين نافعاً في إزالة الشكّ في الحكم الآخر لعدم السببية الشرعية ، لا أنّ السببية محقّقة وعدم [ الحكومة ] لعدم إزالة الشكّ ، فتأمّل.
ثمّ إنّه لم يتّضح للنظر القاصر مدخلية ما أُفيد بقوله : ثانيهما الخ (٢) فيما نحن فيه من استصحاب عدم حدوث الفرد الباقي ، فإنّا لو سلّمنا الترتّب والسببية الشرعية لم يمكن الخدشة في الأصل المذكور بكونه غير مزيل للشكّ المسبّبي ، بل يكون الأصل المذكور بعد تسليم السببية الشرعية مزيلاً للشكّ في بقاء الكلّي ، وموجباً للحكم بارتفاعه ، وأمّا ما أُفيد من المعارضة فتلك جهة أُخرى ، غير أنّ الأصل المذكور لا يكون مزيلاً للشكّ ، فتأمّل.
__________________
(١) راجع المجلّد الثاني من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٧٧ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤١٦.