لأنّه قد توهّم أنّ أصالة عدم وجود الفرد الطويل قاضية بعدم بقاء الكلّي ، متخيّلاً أنّ بقاء الكلّي من الآثار لأصل وجود الفرد الطويل ، فيقال له أوّلاً : إنّ بقاء الكلّي وارتفاعه ليس من آثار وجود ذلك الفرد وعدمه. وثانياً : أنّا لو سلّمنا أنّه من آثار وجوده فهو من الآثار العقلية. وثالثاً : لو سلّمنا أنّه من آثاره الشرعية ، فأصالة عدم وجود القصير القاضية بعدم ارتفاع الكلّي معارضة له.
هكذا ينبغي أن يكون نظم الكلام في جواب هذا التوهّم كما صنعه في الكفاية فقال بعد ذكر هذا التوهّم : فاسد قطعاً لعدم كون بقائه وارتفاعه من لوازم حدوثه وعدم حدوثه ـ ثمّ قال ـ على أنّه لو سلّم أنّه ( يعني البقاء والارتفاع ) من لوازم حدوث المشكوك ، فلا شبهة في كون اللزوم ( يعني ترتّب البقاء والارتفاع على حدوث الفرد الطويل وعدم حدوثه ) عقلياً ، ولا يكاد يترتّب بأصالة عدم الحدوث إلاّما هو من لوازمه وأحكامه شرعاً (١) فجعل مركز الردّ والبدل ترتّب البقاء وعدمه على حدوث الفرد الطويل وعدم حدوثه ، فأوّلاً أنكر كون ذلك من المسبّبات عن حدوث الطويل وعدم حدوثه ، بل إنّ البقاء من المسبّبات عن حدوث الطويل ، والارتفاع من المسبّبات عن حدوث القصير لا عن عدم حدوث الطويل ، ثمّ بقوله : على أنّه لو سلّم أنّه الخ ، أنكر كونه من الآثار الشرعية ، لأنّه لو كان من آثاره ومسبّباته فهو من المسبّبات والآثار العقلية.
والذي يغلب على ظنّي أنّ شيخنا قدسسره إنّما غيّر التعبير عن كون الأثر هو البقاء إلى التعبير عن كون الأثر المترتّب على الفرد هو وجود الكلّي ، لأنّه قدسسره ناظر إلى مطلب آخر ، وهو الردّ على ما أفاده المرحوم السيّد الطباطبائي اليزدي قدسسره في
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٠٦ [ لا يخفى أنّ ما بين القوسين هو من توضيح المصنّف قدسسره لكلام الآخوند قدسسره ].