الأصل فيها أيضاً يكون مثبتاً ، لأنّ ذلك الكلّي وإن كان حكماً شرعياً ، إلاّ أنه لا يرتّب الحكم بعدمه على مجرّد أصالة عدم أحد فرديه ، بل لابدّ من ضمّ ارتفاع الفرد الآخر إلى ذلك العدم ، فلا يكون أصالة عدم ذلك الفرد حينئذ إلاّمثبتاً ، إلاّ أن يتشبّث بشبهة ضمّ الوجدان إلى الأصل ، وسيأتي توضيح ذلك إن شاء الله تعالى (١).
وينبغي أن يعلم أنّ صاحب الكفاية قدسسره قد أجاب عن هذا التوهّم الذي ذكره الشيخ قدسسره في حاشيته على الرسائل بجواب كأنّه غير الجواب الذي ذكره في الكفاية ، فإنّه في الحاشية بعد توضيحه التوهّم المذكور قال ما هذا لفظه : وتوضيح دفعه أنّ الشكّ فيه ( يعني في بقائه وارتفاعه ) إنّما هو ناش من الشكّ في أنّ الحادث هو هذا أو ذاك ، ولا أصل في البين أصلاً يوجب تعيين أحدهما كما لا يخفى ، لعدم سبق إحدى الحالتين فيه ، وأصالة عدم حدوث مقطوع البقاء منهما معارضة بأصالة عدم حدوث الآخر ، مع أنّ هذا الأصل بالاضافة إلى الأثر المهمّ مثبت ، وأنّه لا يترتّب عليه إلاّبتوسّط ما يستلزمه عقلاً من كون الحادث ذاك الآخر (٢).
وجوابه الأوّل راجع إلى مفاد ليس التامّة وليس الناقصة كما حرّرناه عن الأُستاذ العراقي قدسسره ، وجوابه الثاني راجع إلى المعارضة على تقدير غضّ النظر عن الإشكال الأوّل ، والثالث راجع إلى المثبتية ، لكن لا من جهة كون البقاء أثراً عقلياً ، بل من جهة أنّ الارتفاع إنّما هو من آثار حدوث القصير ، وإثبات حدوث القصير بأصالة عدم حدوث الطويل من قبيل إثبات أحد الضدّين بنفي الآخر.
__________________
(١) في الصفحة : ٢٩٩ وما بعدها.
(٢) حاشية كتاب فرائد الأُصول : ٢٠٣.