وهذه الأجوبة الثلاثة مغايرة لما في الكفاية. نعم يمكن بعيداً أن يدّعى أنّ ما أفاده أوّلاً في الكفاية راجع إلى الإشكال الأوّل في الحاشية ، بدعوى كون المنظور إليه هو مفاد ليس التامّة وليس الناقصة ، لا ما أفاده الشيخ قدسسره (١) من [ أنّ ] الارتفاع من آثار وجود القصير لا من آثار عدم حدوث الطويل.
وعلى كلّ حال ، فإنّ السيّد قدسسره أجاب عن الأوّل بما عرفت من أنّ المدار على وجود الكلّي لا على بقائه ، وعن الثالث بما عرفت من اختصاص المسألة بكون الجامع حكماً شرعياً ، ليكون نفي الفرد الطويل نفياً لذلك الجامع من دون توقّف على نفي القصير.
وأمّا الثاني قد ذكره السيّد قدسسره بقوله : فإن قلت ، وأجاب عنه بعدم جريان الأصل في الفرد القصير.
والذي يتلخّص لك من هذا وممّا أفاده شيخنا قدسسره في الجواب عن شبهة السيّد قدسسره : أنّ الجواب في خصوص كون القدر الجامع حكماً شرعياً ينحصر بالمعارضة المذكورة ، لأنّا بعد فرض كون الجامع حكماً شرعياً كالحدث المترتّب على القدر الجامع بين البول والجنابة مثلاً ، لا يمكننا إنكار ترتّب وجود ذلك الجامع بعد ارتفاع الآخر على الجنابة ، كما لا يمكننا إنكار الترتّب الشرعي ، وحينئذ ينحصر الجواب بالمعارضة المذكورة التي ذكرها السيّد في حاشيته بقوله : فإن قلت : إنّ أصالة عدم الفرد الطويل معارضة بأصالة عدم الفرد الآخر. قلت : نمنع ذلك ، لأنّ المفروض أنّه لا يترتّب على الأصل الثاني أثر شرعي مثبت للتكليف حتّى يصلح للمعارضة ، مثلاً أصالة عدم وجود النجاسة بالدم لا يثبت تكليفاً ، فيكون أصالة عدم النجاسة بالبول سليمة عن المعارض ، ولازمها نفي
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ١٩٣.