يكون مورد التعبّد إلاّتلك الصورة المبهمة المجملة ، والمفروض أنّها لا أثر لها ، فلا يجري فيها الاستصحاب ، وإنّما يجري فيما لو كانت تلك الصورة الاجمالية الجامعة بين الخصوصيتين بنفسها أثراً شرعياً ، أو كانت موضوعاً لأثر شرعي ، ومن الواضح أنّ الجامع بين الخصوصيتين في مورد العلم بحدوث أحدهما ليس هو إلاّذلك الكلّي الانتزاعي المعبّر عنه بأحدهما مفهوماً أو مصداقاً ، وهو لا أثر له ، فلا يكون مورداً للتعبّد بالبقاء ، فليست المسألة من باب أنّه لا جامع بينهما وإلاّ لم يعقل تعلّق العلم ، إذ لابدّ لكلّ علم من معلوم ، بل هي من باب أنّ الجامع الذي انكشف بالعلم لا أثر له ، وحينئذ يتعيّن فيه كون المرجع هو البراءة عن الباقي ، كما هو الشأن في كلّ ما يكون التلف قبل العلم. نعم في خصوص المقام ربما يقال بأنّه ملزم بالاتيان بالفرد الثاني ، نظراً إلى لزوم تحصيل العلم بشرط العصر وهو ترتّبها على سابقتها من الظهر أو الجمعة ، فتأمّل.
ومن ذلك كلّه يظهر لك الإشكال فيما أفاده السيّد قدسسره في حاشيته المشار إليها بقوله : ثمّ إنّ التحقيق إمكان استصحاب الفرد الواقعي المردّد بين الفردين الخ (١) نعم لو كان للكلّي أثر وسقط استصحاب نفس الكلّي ربما يأتي فيه توهّم استصحاب الفرد المردّد ، لكنّك قد عرفت أنّ استصحاب الفرد لا ينتج ترتيب أثر الكلّي ، ولم يظهر ذلك من الشيخ قدسسره في القسم الأوّل فكيف نسبه إليه فإنّ عبارة الشيخ قدسسره هي قوله : أمّا الأوّل فلا إشكال في جواز استصحاب الكلّي ونفس الفرد وترتيب أحكام كلّ منهما عليه (٢) ومن الواضح أنّ العبارة ظاهرة في ترتيب أثر الكلّي على استصحاب الكلّي وأثر الفرد على استصحاب الفرد ، وأين
__________________
(١) حاشية كتاب المكاسب ١ : ٣٥٦.
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ١٩١.