وحاصل الأمر : أنّ شيخنا قدسسره قد علّل عدم جريان الاستصحاب في الفرد المردّد بأنّه ليس من قبيل الشكّ في البقاء ، بل هو من قبيل الشكّ في حدوث الباقي ، لأنّ الفرد المردّد لا شكّ في بقائه ، لأنّ أحدهما مقطوع البقاء والآخر مقطوع الارتفاع ، فحقيقة الشكّ فيه متوجّهة إلى أنّ الحادث ما هو ، وهل هو الباقي أو هو المرتفع ، فلا مورد فيه للتعبّد بالبقاء ، ولأنّ مقتضى التعبّد ببقاء الفرد المردّد بين الظهر والجمعة بعد فرض الاتيان بالظهر هو لزوم التكرار في الظهر ، إلى غير ذلك من التعليلات التي أفادها قدسسره فيما تقدّم في أصالة الاشتغال ، ولعلّ بعضها لا يخلو عن إشكال.
والذي أفاده الأُستاذ العراقي قدسسره فيما حرّرته عن درسه وفيما حرّره هو قدسسره في مقالته ص ١٤٨ وص ١٤٩ هو الاعتراف بسراية اليقين إلى الخصوصية ، لكن الشكّ لا يسري إليها ، بل هو مقصور على الجامع بين الخصوصيتين ، وهو حسب الفرض لا أثر له.
وفيه تأمّل ، فإنّ اليقين المتعلّق بوجود أحد الفردين إنّما يعتبر بمقدار كاشفيته وإضافته لمتعلّقه ، وهي ـ أعني إضافته وكاشفيته ـ مقصورة على القدر الجامع ، نظير ما لو رأيت شبحاً وتردّدت بين كونه زيداً وكونه عمراً ، فإنّ مقدار ما رأيته هو نفس الشبح لا خصوصية زيد ولا خصوصية عمرو ولا إحدى الخصوصيتين كلّ بخصوصيته ، ومجرّد أنّه يصدق على زيد لو انكشف الواقع أنّه هو ذلك الذي رأيته لا يكون محقّقاً لكون خصوصية زيد كانت منكشفة وكانت معلومة لديك ، وحينئذ فبعد أن كان العلم مقصوراً على تلك الصورة المبهمة المردّدة ، ولا تكون الخصوصية الخاصّة منكشفة ولا إحدى الخصوصيتين ، كان كلّ من اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء مقصوراً على تلك الصورة المهملة ، فلا