الجمع بين أصالة العدم في طرف البول وأصالة العدم في طرف الدم ، لأنّ الأُولى تنفي وجوب الغسلة الثانية ، والثانية لا تثبت وجوب الغسلة الثانية ، وحينئذ يمكن الجمع بينهما ، إذ لا تدافع بينهما ، فلأجل ذلك أورد عليه بأنّه لا يمكن الجمع بين الأصلين لاقتضائهما نفي وجوب الغسل مع العلم بأنّه قد وجب في الجملة ، وحينئذ يقع التعارض بينهما من جهة اقتضائهما نفي الجامع وهو معلوم الوجود ، ومن جهة اقتضائهما نفي كلّ من الخصوصيتين ، والمفروض أنّ إحدى الخصوصيتين معلومة الوجود ، هذا كلّه إنّما يتوجّه على السيّد لو كان مراده من عدم التعارض هو إمكان الجمع بينهما.
والإنصاف : أنّ عبارته وإن كانت ظاهرة في ذلك ، لكن المراد معلوم ، وهو ما عرفت من أنّ عدم التعارض إنّما هو لأجل عدم الأثر لأصالة عدم الدم ، إذ لا يمكن الحكم بنفي أثره الذي هو الغَسل مرّة ، للعلم التفصيلي بوجوبها على كلّ من طرفي العلم الاجمالي ، كما هو الشأن في كلّ علم إجمالي مردّد بين الأقل والأكثر.
ويشهد بذلك قوله : فيكون أصالة عدم النجاسة بالبول سليمة عن المعارض الخ. فإنّ هذه الجملة إنّما تقال في الأصل الواحد لا في الأصلين اللذين لا تعارض بينهما ، ولعلّ مراد المحشي في إيراده على السيّد هو أنّه لابدّ لنا من نفي القدر الجامع ، وهو لا يحصل إلاّبإجراء الأصل في الدم وإجرائه في البول ، وحينئذ يقع التعارض بين الأصلين للعلم بتحقّق القدر الجامع ، ولعلّ مراد السيّد هو حصول نفي الجامع من الوجدان بالغسلة الواحدة وأصالة عدم البول كما أفاده الأُستاذ العراقي ، لكن ذلك متوقّف على أن يكون لنا موضوع واحد قد حصل أحد جزأيه بالأصل والآخر بالوجدان ، وما نحن فيه ليس كذلك ، فلاحظ.