ومن ذلك كلّه يظهر لك أنّ المطلوب من إجراء الأصل في الأقل هو نفي القدر الجامع لا نفي أثره الخاصّ ، وهذا لا يفرق فيه بين كون حصول العلم الاجمالي قبل انتفاء الأقل بالوجدان أو بعده ، كما أنّه لا يتوقّف على إجراء الأصل فيه قبل خروجه عن الابتلاء كما في التحرير عن شيخنا قدسسره (١).
وكأنّه لأجل هذه الملاحظة أفاد المرحوم الشيخ محمّد حسين إلحاقاً بما تقدّم ، فقال : ومنه يعلم أنّ دعوى عدم المعارضة من حيث تيقّن الأقل فلا يجري فيه الأصل ، ويختصّ الأصل بعدم موجب الأكثر ، مدفوعة بأنّ أثر الدم ليس وجوب الغسل المجامع مع جواز الاكتفاء وعدم جواز الاكتفاء ، فإنّه أثر الجامع ، بل أثر الدم هو وجوب الغسل اللاّ بشرط القسمي المساوق لجواز الاكتفاء فيه بالمرّة ، وهو مباين للغسل بشرط شيء ، فإنّهما تعيّنان متقابلان ليس أحدهما متيقّناً بالاضافة إلى الآخر. نعم وجود الجامع متيقّن لا يجري فيه الأصل ، إلاّ أن جريان الأصلين في الفردين بنحو العدم المحمولي منافٍ للقطع بوجود الجامع أيضاً كما عرفت (٢).
ولا يخفى أنّ هذه الشبهة أعني شبهة إرجاع مسألة الأقل والأكثر إلى مسألة التباين ، بدعوى كون الأقل مأخوذاً لا بشرط القسمي والأكثر مأخوذاً بشرط شيء وهما لحاظان متباينان داخلان تحت اللاّ بشرط المقسمي ، هي شبهة المحقّق صاحب حاشية المعالم قدسسره وقد تقدّم الكلام عليها وعلى الجواب عنها في مباحث الأقل والأكثر (٣) فراجع. والسيّد وكلّ من وافقه في هذه المسألة ـ أعني مسألة تردّد
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤١٨.
(٢) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ١٥٠.
(٣) راجع المجلّد الثامن من هذا الكتاب الصفحة : ٢٦٩.