إخراجه ، إلاّ أن يكون مراده قدسسره من قوله : ولم يعلم الحالة السابقة ، هو أنّه لم يعلم أنّ حالته السابقة كانت هي أحد الحدثين ، وحينئذ يكون شاملاً لمن علم أنّ حالته السابقة هي الطهارة من الحدثين ، ولكنّه تكلّف بعيد عن ظاهر العبارة. نعم لو كانت حالته السابقة المعلومة لديه هي الحدث الأكبر ، لم يكن لخروج ذلك البلل المردّد أثر ، ولا يكون حينئذ من قبيل التردّد بين الحدثين. ولو كانت حالته السابقة هي الحدث الأصغر ، كان أيضاً خارجاً عمّا نحن فيه من القسم الثاني ، وكان داخلاً في القسم الثالث ، على تأمّل وتفصيل يأتي التعرّض له في القسم الثالث إن شاء الله تعالى.
وحينئذ يكون القسم الثاني شاملاً لمن كانت حالته السابقة المعلومة هي الطهارة من الحدثين ، ولمن لم تكن حالته السابقة معلومة لديه ، فإن كلاً منهما تكون حالته الفعلية بعد خروج ذلك البلل المردّد مردّدة بين الحدثين ، وحينئذ فبعد البناء على وجوب الوضوء على المحدث بالأصغر ووجوب الغسل على المحدث بالأكبر ، كما هو ظاهر الآية الشريفة ، أعني قوله تعالى : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ) ـ إلى قوله تعالى ـ ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا )(١) وكما هو مفروض كلام الشيخ قدسسره حيث إنّه أوجب الجمع بين الطهارتين ، وظاهره هو فرض حصول العلم الاجمالي قبل الوضوء.
وحينئذ نقول : إنّه في ذلك الحال ـ أعني حال ما قبل الوضوء ـ قد تنجّز عليه بواسطة العلم الاجمالي كلّ من حرمة مسّ المصحف ووجوب الوضوء ووجوب الغسل وحرمة اللبث في المساجد ، وليس المقام بالقياس إلى هذا الأخير ـ أعني حرمة اللبث ـ من قبيل الأقل والأكثر كما شرحناه غير مرّة ، وبعد أن
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.