الأصل المثبت حكمنا بنجاسة اليد بمجرّد ملاقاة الأعلى ، ولا يتوقّف ذلك على ملاقاتها للطرف الأسفل الذي قد طهّرناه ، هذا كلّه لو كان المنظور إليه هو الجهة الأُولى.
وأمّا لو كان المنظور إليه هو الجهة الثانية ، فلا إشكال في أنّه لا يكون الاستصحاب حينئذ من قبيل استصحاب الشخص المعيّن ، بل لابدّ أن يكون المستصحب هو الكلّي ، أو الفرد من المتنجّس المردّد بين الأعلى والأسفل ، وأثر الكلّي هنا هو عدم جواز الصلاة في تلك العباءة لوجود كلّي المتنجّس فيها ، لكن لا يترتّب عليه الحكم بنجاسة اليد المذكورة ، لعين ما ذكرناه في استصحاب وجود نفس تلك القطرة من الدم ، إذ بعد غسل الطرف الأسفل لا يترتّب على استصحاب كلّي المتنجّس كون المتنجّس هو الأعلى كي يثبت بذلك تنجّس اليد إلاّبالأصل المثبت. وكذلك الحال لو قلنا بصحّة استصحاب الفرد المردّد ، فإنّه لا يترتّب عليه الحكم بنجاسة اليد إلاّبالأصل المثبت.
وأمّا استصحاب كلّي النجاسة فيما نحن فيه فلا واقعية له ، إذ ليس في البين إلاّ نجاسة شخصية قد تردّدت بين الطرف الأعلى والأسفل ، من دون اختلاف في هوية الذات ، فلا قدر جامع في البين إلاّمطلق الجامع بين المكانين وهو لا أثر له ، فهذه المسألة ـ أعني مسألة التردّد في المتنجّس من العباءة بين الطرف الأعلى والطرف الأسفل ـ ليست من قبيل الأمثلة الأُولى في كون المعلوم شخصاً معيّناً ـ أعني ما هو مثل زيد ـ الذي دخل الدار وتردّدنا في مكانه فيها ليجري فيها استصحاب ذلك الشخص الموجود ، لأنّ ذلك ـ أعني زيداً المذكور ـ لم يكن الترديد فيه بين شخصين ، بخلاف ما نحن فيه فإنّ المتنجّس فيه مردّد بين شخصين الطرف الأعلى والطرف الأسفل ، ومنشأ التشخّص فيهما ليس براجع إلى