العقلي مورداً للاستصحاب ، لأنّه ليس بأثر شرعي ولا بموضوع لأثر شرعي ، فلا يجري فيه الاستصحاب ، لأنّ ملاك الاستصحاب هو كون المستصحب بنفسه أثراً شرعياً أو كونه بنفسه موضوعاً لحكم شرعي ، حتّى أنّه لو كان قدراً جامعاً بين حكمين شرعيين لم يجر فيه الاستصحاب ، كما عرفت في مثال الظهر والجمعة لو حصل العلم الاجمالي المردّد بينهما بعد فعله أحدهما.
نعم ، لو كان القدر [ الجامع ] في باب العلم الاجمالي قد اتّفق أنّه بنفسه موضوع لحكم شرعي ، كما في كلّي النجاسة المردّدة بين الدم والبول ، وكلّي الحدث المردّد بين الأكبر والأصغر ، جرى فيه استصحاب ذلك الكلّي بعد ارتفاع الدم بالغسلة الواحدة وارتفاع الأصغر بالوضوء ، وليس كذلك النجاسة المردّدة بين طرفي العباءة أو بين إناءين ، لما عرفت من أنّه لا اختلاف بينهما بالهوية ، بل الاختلاف بينهما إنّما هو في المحل ، والقدر الجامع إنّما هو الجامع بين المحلّين وهو ليس بموضوع أثر لحكم شرعي ، فلاحظ وتأمّل.
ومن ذلك كلّه يظهر أنّ ما أُفيد في تحرير السيّد سلّمه الله (١) من عدم ترتّب الأثر الشرعي على استصحاب الكلّي ، لأنّ عدم جواز الدخول في الصلاة مترتّب على نفس الشكّ ، لا يخلو عن تأمّل أوّلاً : لأنّه مختصّ بما إذا حصل العلم الاجمالي قبل التطهير. وثانياً : أنّ عدم جريان الاستصحاب في موارد أصالة الاشتغال لا دخل له بما نحن فيه ، فإنّ المستصحب فيما نحن فيه هو النجاسة ، ومع ثبوت النجاسة بالاستصحاب لا موقع لأصالة الاشتغال بلزوم إحراز الشرط الذي هو الطهارة ، وهذه القاعدة إنّما هي في مثل استصحاب بقاء التكليف مع أصالة الاشتغال به ، كما في مورد التردّد بين الظهر والجمعة ثمّ صلّى الظهر مثلاً.
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٩٤.