وأمّا وجوده في ضمن عمرو فهو من أوّل الأمر مشكوك الحدوث ، لا أنّه مشكوك البقاء بعد اليقين بالحدوث ، وبذلك يتمّ الفرق بين هذا القسم وبين القسم الثاني الذي تقدّم البحث فيه ، فإنّ الشكّ في البقاء في ذلك القسم وارد على نفس المتيقّن الحدوث ، أعني الوجود المردّد بين الفردين.
لا يقال : إنّ المستصحب لو كان هو وجود القدر المشترك بين زيد وعمرو لتمّ ما ذكرتم من أنّ المتيقّن إنّما هو الوجود في ضمن زيد ، لا الوجود في ضمن عمرو بعد فرض تباين الوجودين ، أمّا لو كان المستصحب هو القدر المشترك بين الوجود الواحد وبين الوجودين ، ليكون الحاصل أنّ المتيقّن هو نفس وجود الكلّي الذي هو الأعمّ من الوجود الواحد والوجودين ، فهذا القدر الجامع بين الوجود الواحد والوجودين لا مانع من استصحابه ، لأنّه متيقّن الحدوث مشكوك البقاء.
لأنّا نقول : لا معنى لنسبة الوجود إلى القدر الجامع بين الوجود الواحد والوجودين ، إذ الوجود لا وجود له كي نقول إنّ ذلك القدر الجامع بين الوجود الواحد والوجودين كان متيقّن الوجود وقد شكّ في بقائه ، ولو سلّم صحّة نسبة الوجود إلى ذلك القدر الجامع المذكور لما كان ذلك كافياً في صحّة استصحابه ، إذ لا أثر للقدر الجامع بين الوجود الواحد والوجودين ، وإنّما الأثر مترتّب على القدر الجامع بين الفردين أعني زيد وعمرو ، وقد عرفت أنّ المتيقّن من وجود ذلك الكلّي الذي هو القدر الجامع بين زيد وعمرو إنّما هو وجوده في ضمن زيد ، وأمّا وجوده في ضمن عمرو فهو وجود آخر مشكوك الحدوث ، فما هو متيقّن الحدوث مقطوع الارتفاع ، وما يشكّ في بقائه مشكوك الحدوث.
لا يقال : قد التزمتم في باب الأوامر بأنّ الاتيان بالطبيعة المأمور بها في