استصحاب الكلّي ، كما قرّره شيخنا قدسسره على ما سيأتي توضيحه (١) إن شاء الله تعالى ، لا أنّ هذا الاستصحاب يكون معارضاً لاستصحاب كلّي الحدث ، بل هو بعد تمامية تلك الجهات يكون منتجاً لأنّ الوضوء رافع لحدثه ، وأنّ حدثه الفعلي حدث أصغر ، وبذلك يكون حاكماً على استصحاب كلّي الحدث.
والحاصل : أنّ الأُستاذ العراقي قدسسره بعد أن حكم بإسقاط الاحتمال الثالث وهو إمكان الاجتماع بقي عنده احتمال كون الأكبر رافعاً لذات الأصغر واحتمال كونه من قبيل الاشتداد ، وهذا الأصل أعني استصحاب الأصغر بحدّه إلى ما قبل الوضوء بناءً على الوجه الأوّل لا محصّل له ، إذ لاحدّ حينئذ للحدث الأصغر. مضافاً إلى أنّ استصحاب الأصغر إلى ما قبل الوضوء لا ينفع في تحقّق الطهارة على تقدير الوضوء ، لأنّ استصحاب وجود الأصغر أو استصحاب اتّصاف المكلّف بالحدث الأصغر لا يثبت أنّ حدثه الفعلي الذي هو من حين خروج البلل إلى حين الوضوء هو حدث أصغر إلاّبالأصل المثبت ، لأنّ الأوّل من قبيل استصحاب وجود الكلب في هذه الغرفة وهو لا يثبت أنّ هذا الموجود فعلاً فيها كلب إذا احتملنا تبدّله إلى الخروف مثلاً ، والثاني ـ أعني استصحاب الاتّصاف ـ من قبيل استصحاب اتّصاف الشخص بأحد الضدّين لنفي اتّصافه بالضدّ الآخر. وأمّا بناءً على الثاني أعني الاشتداد ، ففيه ما عرفت من أنّ استصحاب اتّصاف ذات الأصغر الموجودة بحدّه العدمي إلى ما قبل الوضوء يكون حاكماً على استصحاب ذات الأصغر بين الحدّين إلى ما بعد الوضوء ، وبعد المعارضة بين استصحاب الأصغر بحدّه العدمي إلى ما قبل الوضوء مع استصحاب كلّي الحدث فيما بعد الوضوء يسقط كلا الاستصحابين ، فيكون المرجع بعد سقوطهما هو استصحاب
__________________
(١) في الصفحة : ٣٥٩ وما بعدها.