فلم يبق بيده ما يحرز به الطهارة ، فاللازم عليه إحرازها للصلاة التي يريد أن يأتي بها ، وذلك لا يكون إلاّبالغسل ، وعند صدور الغسل منه يعلم بأنّه على طهارة ، لأنّ الصادر منه إن كان هو الجنابة فقد ارتفعت بالغسل ولا يحتاج معه إلى الوضوء وإن كان الصادر منه هو الوضوء لم يحتج إلى إعادته ، أمّا الوضوء وحده بدون غسل فهو يعلم بأنّه غير واجب عليه. فتلخّص : أنّه لا يجب عليه الوضوء لا وحده ولا منضمّاً إلى الغسل ، ولا يحرز شرط الطهارة إلاّبالغسل ، وهو وحده كاف في ذلك.
ومن ذلك يظهر لك الحال في دوران أمره بين الركوع والتحوّل إلى عكس القبلة ، فإنّ أصالة عدم الالتفات والتحوّل لا تجري في حقّه ، لأنّها لا تثبت عدم (١) إتيانه بالركوع ، بل أقصى ما فيها أنّها تقضي عليه بالمضي في صلاته وهو لا يمكنه المضي فيها ، أمّا مع الاتيان بالركوع فلعلمه بأنّه غير واجب عليه ، إمّا لأنّه قد أدّاه وإمّا لأنّه في صلاة باطلة بالالتفات ، وأمّا مع عدم الركوع فلأنّه لا يمكنه ترك الركوع لكونه شاكّاً في الاتيان به. كما أنّ أصالة عدم الاتيان بالركوع أو قاعدة الشكّ في المحل لا تجري في حقّه ، لأنّها تقضي عليه بالاتيان بالركوع وهو لا يمكنه الاتيان به ، إمّا لأنّه قد أدّاه ، وإمّا لأنّه في صلاة باطلة ، وأصالة عدم الاتيان بالركوع لا تثبت أنّه قد حصل منه الالتفات إلاّبالأصل المثبت ، فبقي المكلّف في صلاة يحتمل بطلانها بالالتفات ، ولا أصل يحرز له عدم الالتفات ، فيلزمه قطعها والاستئناف.
ومن ذلك ما لو توضّأ غفلة بمائع مردّد بين الماء والبول ، فإنّه لا يمكنه إجراء استصحاب الحدث ، لأنّه يقضي عليه بالاتيان بالوضوء وهو لا يقدر عليه ،
__________________
(١) [ هكذا في الأصل ، والظاهر زيادة : عدم ].