قوله : ربما يتوهّم أنّ غاية ما تدلّ عليه الرواية هو سلب العموم لا عموم السلب ، فلا يستفاد منها عدم جواز نقض كلّ فرد من أفراد اليقين بالشكّ ، بل أقصى ما يستفاد منها هو عدم جواز نقض مجموع أفراد اليقين بالشكّ ، وهذا لا ينافي جواز نقض بعض الأفراد ... الخ (١).
لا يخفى أنّ نتيجة سلب العموم هو السالبة الجزئية ، ومن الواضح أنّ المقام لا يناسب السلب الجزئي ، إذ ليس الكلام مسوقاً لبيان أنّ بعض اليقين لا ينقض بالشكّ ، فإنّ ذلك لا يصلح برهاناً لعدم جواز نقض اليقين بالوضوء بالشكّ فيه.
وبالجملة : أنّ السلب الجزئي أو رفع الايجاب الكلّي لا يصلح لكبروية الشكل الأوّل ، فلابدّ حينئذ من لزوم كون القضية الواقعة كبرى في هذا الشكل الذي أفادته الرواية الشريفة كلّية ، إمّا سالبة كلّية بأن يكون المراد : ولا شيء من اليقين يجوز نقضه بالشكّ ، أو موجبة كلّية معدولة المحمول ، بأن يكون المراد : أنّ كلّ يقين لا ينقض بالشكّ ، والظاهر الثاني.
وعلى أي حال ، فإنّ سلب العموم أجنبي عمّا هو مفاد الرواية ، فما أُفيد في بيان موارد سلب العموم وعموم السلب وإن كان صحيحاً في نفسه ، إلاّ أنه لا حاجة إليه في المقام بعد فرض كون الرواية غير صالحة للحمل على سلب العموم وما أدري كيف توهّم هذا المتوهّم إمكان حملها على سلب العموم الموجب لإفساد كون الجملة برهاناً على المطلوب المذكور ، هذا.
مضافاً إلى ظهور قوله عليهالسلام : « أبداً » في السلب الكلّي. إلاّ أن يقال : إنّه مسوق لدوام السلب ، وهو كما يتأتّى في السالبة الكلّية يتأتّى أيضاً في السالبة الجزئية ، لكن ذلك على تقدير التسليم إنّما يكون في السلب الجزئي ، دون رفع
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٣٨.