لكن هذا التوجيه بعيد جدّاً ، لأنّه يقول : « ولم أقدر عليه » ولم يقل : لم أره ، والأُولى تدلّ على بقاء العلم الاجمالي غايته أنّه لم يقدر على التعيين.
قوله ـ في الصحيحة الثانية لزرارة ـ « قلت : فإن ظننت أنّه أصابه ولم أتيقّن ، فنظرت ولم أر شيئاً فصلّيت فيه فرأيت فيه؟ قال عليهالسلام : تغسله ، ولا تعيد الصلاة » ... الخ (١).
إنّ هذا المكلّف بعد أن نظر ولم ير شيئاً إمّا أن يحصل له القطع بالعدم وإمّا أن يبقى على حاله من الشكّ ، ثمّ إنّ قوله : « فصلّيت فرأيت فيه » يحتمل أنّه قد علم أنّ تلك النجاسة التي رآها هي تلك النجاسة السابقة ، ويحتمل أنّه لم يعلم بذلك ، بل كان يحتمل أنّها نجاسة جديدة وقعت بعد الصلاة ، فتكون الصور أربعاً :
الأُولى : حصول العلم بعد النظر بعدم النجاسة ، وحصول العلم بعد الفراغ بأنّ تلك المرئية هي النجاسة السابقة. وفي هذه الصورة لا يجب الاعادة لكون الصلاة مع الجهل بالنجاسة ، وهي أجنبية عن كلّ من الاستصحاب وقاعدة اليقين.
الثانية : هي حصول العلم بعدم النجاسة ، لكنّه بعد الفراغ يحتمل أنّ ما رآه نجاسة جديدة ، وفي هذه الصورة ينطبق على الاعادة أنّها نقض لليقين بالشكّ ، فإن كان المراد باليقين هو اليقين الحاصل بعد النظر كانت قاعدة اليقين ، وإن كان المراد به اليقين السابق الذي كان قبل ظنّ الاصابة كانت عبارة عن الاستصحاب ، والظاهر هو الثاني ، ولكن لا إشكال في انطباق النقض على الاعادة على كلّ من القولين.
والصورة الثالثة : هي أن لا يحصل له العلم بعدم النجاسة بعد النظر ، بل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٤٠ ( مع اختلاف يسير ).