وأمّا الأمر الثاني ، فلأنّه لم يظهر من زرارة السؤال عن الفرق بين المسألتين وإنما كان سؤاله عن وجه الحكم بعدم الاعادة ، فيمكن أن تكون النجاسة التي رآها بعد الصلاة مردّدة عنده بين السابقة والجديدة ، فأمره الإمام عليهالسلام بعدم الاعادة فسأل عن وجه الحكم بعدم الاعادة لأجل مجرّد استفادة الوجه في ذلك ، لا لأجل الإشكال وأنّه توهّم اتّحاد المسألتين في الحكم فوجّه السؤال عن الفرق بينهما وإن أمكن أنّ زرارة يعرف الفرق بين المسألتين ، لأنّ تلك كان الإقدام فيها على الصلاة فيما هو معلوم النجاسة تفصيلاً ، وإن لم يكن المعلوم النجاسة هو الأعلى أو الأسفل من ثوبه مثلاً ، وهذه كان الإقدام فيها مع عدم العلم بالنجاسة ، إلاّ أنه إنّما سأل ليتّضح الفرق لمن يسمع مثلاً ونحو ذلك من البواعث على السؤال.
أمّا أنّ زرارة كيف دخل في الصلاة في الصورة الأُولى مع علمه بالنجاسة ، وفي الصورة الثانية مع شكّه فيها وعدم استناده إلى الاستصحاب لأنّه لم يكن عالماً بحجّيته ، فذلك ممّا لا أهميّة له ، لأنّ زرارة هو أجلّ من هذه الإقدامات ، وإنّما يسأل أسئلة فرضية كما هو الحال في التلميذ مع أُستاذه.
قوله : « قلت : فإن لم أكن رأيت موضعه وعلمت أنّه أصابه فطلبته ولم أقدر عليه » (١).
لو دخل في الصلاة مع بقاء العلم الاجمالي كانت صلاته باطلة ، ولو انقلب بعد الفحص إلى اليقين بالطهارة لم تجب عليه الاعادة ، لكونه حينئذ من الجهل بالنجاسة.
ولو انقلب علمه الاجمالي بعد الفحص إلى الشكّ في الاصابة كان من الشكّ الساري ، وبناءً على قاعدة اليقين يكون وجوب الاعادة عليه واضحاً ، لأنّها
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٤٠. [ مرّ التعليق على هذه العبارة في الصفحة : ٥١ ].