بخلاف ما لو أخذناه شرطاً في التكليف ، لما هو واضح من أنّ المقابلة بين ما هو شرط التكليف وما هو شرط المكلّف به لا دخل له بالمقابلة بين شرط التكليف وموضوعه.
نعم ، في المثال مطلب آخر شرحناه فيما تقدّم (١) ، وهو أنّ قيد المكلّف به لكونه غير مقدور يكون شرطاً للتكليف قهراً ، فيكون الاستصحاب نافعاً على كلّ حال.
وأمّا مثال الكرّ والحوض فلم يكن لازماً لما أفاده شيخنا قدسسره من إرجاع الشرط إلى الموضوع ، إذ لا يلزمه أن يكون مفاد كان التامّة عين مفاد كان الناقصة ، وكأنّه يدّعي أنّ شيخنا قدسسره يقول إنّ كلّ تصرّفين شرعيين يكونان واردين على واقع واحد يكون أحدهما عين الآخر في جميع الآثار ، ولأجل ذلك نقض بهذه النقوض ، وكان عليه أن ينقض بأنّ لازمه هو كون الهبة المشروط فيها العوض عين البيع ، بل كان لازمه إبطال الحيل الشرعية في التخلّص من الربا ، إلى غير ذلك ممّا يلزمه تأسيس فقه جديد.
وأمّا ما ذكره العلاّمة الخراساني قدسسره في حاشيته على الرسائل بقوله : هذا كلّه لو كان الحكم حقيقة مشروطاً كما هو ظاهر القضية التعليقية ، وأمّا لو كان القيد في الحقيقة راجعاً إلى الموضوع ، بأن يكون العصير المغلي حراماً ، فالأمر في صحّة الاستصحاب أوضح ، لأنّه يكون استصحاباً لما ثبت محقّقاً وبالفعل من الحكم للمغلي من العصير سابقاً وشكّ فيه لاحقاً ، إلى آخر ما أفاده (٢) فعلى الظاهر أنّه لا يخرج عن دعوى كون وصف نفس العصير بحرمة الغالي منه من قبيل الوصف
__________________
(١) [ لم يتقدّم في هذا البحث حسبما لاحظناه ].
(٢) حاشية كتاب فرائد الأُصول : ٢٠٨.