قوله : التنبيه الرابع عشر : المراد من « الشكّ » الذي أُخذ موضوعاً في باب الأُصول العملية ومورداً في باب الأمارات ... الخ (١).
حيث قد حرّرت عنه قدسسره في هذا التنبيه ما هو أبسط من ذلك ، وفيه تعرّض لما أفاده الشيخ قدسسره فلا بأس بنقله برمّته ، قال : إنّ ما أفاده الشيخ قدسسره في الكتاب (٢) من أنّ الظنّ غير المعتبر تارةً يكون قد قام الدليل الخاصّ على عدم اعتباره كالقياس ، وأُخرى لا يكون كذلك بل أقصى ما فيه أنّه لم يقم على اعتباره دليل ، فما كان من قبيل الأوّل لا شبهة في عدم مزاحمته للاستصحاب إذا كان على خلافه ، لحكم الشارع بالغائه وعدم الاعتناء به ورفع اليد لأجله عمّا يقتضيه الأصل اعتناءٌ به ، وما كان من قبيل الثاني يكون مشكوك الاعتبار ، فلو قدّمناه على الاستصحاب رجع الأمر إلى رفع اليد عن اليقين السابق بالشكّ ، فيكون مشمولاً لأخبار الاستصحاب. هذه خلاصة ما أفاده الشيخ قدسسره.
وفيه : أنّ ما أفاده في الأوّل إنّما يتمّ إذا كان رفع اليد عمّا يقتضيه الاستصحاب لأجل الظنّ الحاصل من القياس ركوناً إليه وعملاً به ، والمفروض أنّ الأمر ليس كذلك ، بل إنّ دليل الاستصحاب لمّا كان مقيّداً بالشكّ فبعد الجمود على ما هو حقيقة الشكّ الذي هو تساوي الطرفين يكون الظنّ الحاصل من القياس القائم على خلاف مقتضى الاستصحاب رافعاً لموضوع الاستصحاب رفعاً وجدانياً تكوينياً ، وحينئذ فلا تكون الأدلّة الدالّة على إلغاء القياس دالّة على عدم الاعتناء بالظنّ الوجداني الحاصل منه في قبال الاستصحاب ، وإنّما أقصى ما فيها هو أنّ القياس لا يعمل به في الشريعة ، ومن الواضح أنّ ارتفاع الشكّ الذي
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٦٣.
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨٦.