ولو كان الأمر بالعكس ، بأن اتّفقا على وقوع الطلاق في أوّل الشهر مثلاً ، فادّعت الزوجة أنّها حائض في ذلك اليوم ، وادّعى الزوج أنّ حيضها قد انقضى قبله أو أنّه ابتدأ بعده ، كان القول قولها ، لأنّ النزاع حينئذ في نفس الحيض إمّا في انتهائه أو في ابتدائه ، وقولها حجّة في ذلك ، ويكون قولها حاكماً على استصحاب حيضها إلى حين الطلاق أو استصحاب طهرها إلى ما بعد الطلاق ، كما أنّه يكون حاكماً على أصالة الصحّة في الطلاق لو قلنا بجريانها فيه.
والظاهر أنّ الحكم كذلك ـ أعني حجّية قولها ـ في الصورة الثالثة ، وهي ما لو لم يكن بينهما اتّفاق على تاريخ أحد الأمرين من الطلاق والحيض ، على حذو ما ذكرناه في صورة النزاع في الرجوع وانقضاء العدّة عند كونهما مجهولي التاريخ ، فلاحظ وتأمّل والله العالم.
تنبيه : قال السيّد قدسسره في العروة في مسألة ٧ : الماء المشكوك كرّيته مع عدم العلم بحالته السابقة في حكم القليل على الأحوط ، وإن كان الأقوى عدم تنجّسه بالملاقاة الخ (١). والظاهر منه البناء على كون القلّة شرطاً في الانفعال ، لا أنّ الكرّية مانعة من الانفعال ، لكنّه قال في مسألة ٨ في صورة كون الماء القليل مسبوقاً بالكرّية مع العلم بوقوع النجاسة فيه : وإن علم تاريخ القلّة حكم بنجاسته (٢) هذا مبني على إجرائه أصالة عدم الملاقاة في حال الكرّية وهي قاضية بالنجاسة ، كما أجرى أصالة عدم الملاقاة في حال القلّة ، ولكن لو لم يكن قائلاً بجريان الأصل المذكور ، كان الحكم بالنجاسة منافياً لمذهبه من عدم الأخذ بكون الملاقاة مقتضية والكرّية مانعة ، فإنّ مقتضى ذلك هو الحكم بالطهارة في هذه الصورة ،
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ٨٣ / الماء الراكد.
(٢) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ٨٤ / الماء الراكد.