ثمّ أفاد ما حاصله : أنّ هذا الإشكال إنّما يتوجّه إذا كان موضوع الحكم هو عنوان « الأوّل » ، فإنّه يتوجّه حينئذ أنّ مفهوم « الأوّل » لابدّ أن يكون بسيطاً منتزعاً عن ذلك المركّب ، ولكن الأحكام الشرعية لم تترتّب على هذا المفهوم ، بل إنّما رتّبت على الواحد والثلاثين أو رؤية الهلال ، وحينئذ فيجري فيه الاستصحاب للشهر السابق في يوم الشكّ ، ويترتّب عليه أوّلية ما بعده للشهر اللاحق لكونه الواحد والثلاثين ، ويكون ممّا أحرز فيه أحد جزأي الموضوع بالأصل والآخر بالوجدان انتهى.
قوله : ولكن يمكن دفع الإشكال بأنّ الظاهر كون المراد من « أوّل الشهر » في موضوع الأحكام هو يوم رؤية الهلال أو اليوم الذي انقضى من الشهر الماضي ثلاثون يوماً ـ إلى قوله ـ فيكون اليوم الواحد والثلاثون أوّل الشهر المستقبل ، وبعده ثانيه ، وهكذا ... الخ (١).
ظاهره أنّ الشارع تصرّف في مفهوم أوّل الشهر واعتبره كونه الواحد والثلاثين من الشهر السابق ، فهل المراد أنّه يكون أوّلاً واقعياً أو ليس في البين إلاّ أنّه أوّل بحسب الحكم الظاهري ، والظاهر من هذه العبارة أنّه أوّل واقعي ، وحينئذ يمكن التأمّل فيه من جهة أنّ هذا التصرّف إنّما استفيد من أدلّة اعتبار الرؤية وأدلّة إكمال العدّة ، وكلامنا إنّما هو مع عدم الرؤية ، فينحصر الأمر حينئذ بإكمال عدّة الثلاثين من الشهر السابق ، وذلك مثل قوله عليهالسلام ـ كما في الوسائل وغيرها ـ : « فإذا خفي الشهر فأتمّوا العدّة شعبان ثلاثين وصوموا الواحد والثلاثين » (٢) ، ومثل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٩٩ ـ ٥٠٠.
(٢) وسائل الشيعة ١٠ : ٢٦٦ / أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١٦ ( مع اختلاف يسير ).