اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّه يقول بكون الملاقاة مع القلّة مقتضية للتنجيس كما أفتى به في مسألة ٢ من أنّه إذا شكّ في أنّ له مادّة أم لا وكان قليلاً ينجس بالملاقاة (١).
وحينئذ ففيما نحن فيه نقول : إنّ هذا الموجود من الماء القليل قد علم بكونه لاقته النجاسة ، ولم يعلم أنّه حين ملاقاتها له كان معتصماً بالجزء الذي فقده بأن كانت الملاقاة قبل انفقاد ما فقد منه ، يعني حينما كان كرّاً ، أو أنّه لم يكن معتصماً ، بأن كانت الملاقاة بعد انفقاد ما فقد منه ، يعني كانت الملاقاة بعد صيرورته قليلاً ، وحينئذ نقول : إنّ هذا الماء الموجود قد لاقته النجاسة قطعاً ، إمّا وحده أو بضميمة ذلك المقدار الذي انفقد منه ، وحينئذ تكون الملاقاة للقليل التي هي مقتضية للتنجيس محرزة ، مع فرض عدم إحراز المانع وهو اجتماع هذا القليل الموجود مع ما فقد منه ، فيكون محكوماً بالنجاسة.
نعم ، إنّه قدسسره بعد إسقاطه كون نفس الملاقاة مقتضية للتنجيس يطالَب بالدليل على كون الملاقاة للماء القليل مقتضية للتنجيس ، وأنّ اتّصال ذلك القليل بالمادّة العاصمة كما في المسألة السابقة ـ أعني مسألة القليل المحتمل كونه جارياً ومتّصلاً بالمادّة ـ مانع من ذلك ، أو أنّ المجموع من هذا الماء القليل وما قد فقد منه مانع من ذلك.
وبعبارة أُخرى : لا دليل على لزوم الأخذ بمثل هذا المقتضي مع الشكّ في المانع منه ، وأنّ أقصى ما يمكن هو الأخذ بكون نفس الملاقاة مقتضية للتنجيس وأنّ الكرّية مانعة ، من جهة ما أفاده شيخنا قدسسره (٢) من أنّ تعليق الحكم الترخيصي على عنوان وجودي يوجب التوقّف حتّى يحرز ذلك العنوان الوجودي ، ولعلّ
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ٧٦ / الماء الجاري.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٥٢٩ ـ ٥٣٠.