هو موضوع الاستصحاب بالظنّ الوجداني الحاصل من القياس لا يكون عملاً بالقياس ، بل يكون الارتفاع قهرياً وجدانياً.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ تلك الأدلّة يستفاد منها أنّ الظنّ الحاصل منه وجوده كعدمه وأنّه بمنزلة الشكّ ، إلاّ أنّه مع ذلك لا يكون هذا المعنى مصحّحاً لجريان الاستصحاب بعد فرض كون الظنّ الوجداني القائم على خلافه رافعاً لموضوعه وجداناً رفعاً قهرياً ، وحينئذ فلا فرق فيما نحن فيه بين كون الظنّ ممّا قام الدليل على عدم اعتباره أو كونه ممّا لم يقم.
وأمّا ما أفاده قدسسره في الثاني ففيه : أنّ المدافعة والمزاحمة إنّما وقعت بين نفس الظنّ الذي قام على موت زيد مثلاً وبين الاستصحاب الذي قام على بقاء حياته ، ولا ريب أنّ موت زيد يكون مظنوناً بالوجدان ، ومقتضاه ارتفاع موضوع الاستصحاب الذي هو الشكّ في بقاء الحياة ، ومجرّد كون الظنّ مشكوك الاعتبار لا يوجب كون نفس الموت مشكوكاً ، وإنّما أقصى ما فيه أن يكون الحكم التعبّدي بالبناء على موته مشكوكاً ، وأين هذا من كون نفس الموت مشكوكاً كي يكون مشمولاً لأخبار الباب.
وحينئذ فعمدة الجواب هو ما ذكره قدسسره ثانياً (١) من كون المراد من الشكّ ليس هو خصوص تساوي الطرفين ، بل هو عبارة عن عدم العلم ، ولو سلّم كونه عبارة عن تساوي الطرفين لكنّه لمّا كان مأخوذاً كاليقين من حيث الطريقية ، فيقوم مقامه كلّ ظنّ لم يكن معتبراً ، لا أنّا نقول إنّ اليقين الناقض والمنقوض أعمّ من اليقين الوجداني والتعبّدي ، والشكّ عبارة عن عدم العلم الأعمّ من الوجداني والتعبّدي كي يكون تقديم الأمارات عليه من باب التخصّص والورود لا الحكومة ، بل إنّا
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨٥.