وقد جعل البعض التفرق للأبدان والافتراق في الكلام ، وفي الحديث البيعان بالخيار ما لم يفترقا قال متمم بن نويره يرثي أخاه مالكاً :
فلما تـفـرقـنـا كـأني ومـالـكـاً |
|
لطول اجتـمـاع لم نـبـت ليلـة معا |
وتفارق القوم فارق بعضهم بفضاً وفارق فلان امرأته مفارقة وفراقاً باينها وذلك مأخوذ من الفرقة بالضم (١).
ولو تجاوزنا المعنى اللغوي إلى المعنى الاصطلاحي لرأينا المعنى هنا مساوق للغة أيضاً ، بحيث يراد من الفرقة هي الطائفة أو المجموعة من الناس الذي يجمعها هوى واحد وعقيدة واحدة لذا استعمالها في الجانب العقيدي أكثر من بقية الاستعمالات إن صحت.
إلا أن افتراق الأمة وانشعابها إلى طوائف واتجاهات مختلفة متناحرة كل واحدة منها قد سلكت واد متمسكة بما يحلو لها من الأوهام والعقائد ، إنه عمل أضعف الجامعة الإسلامية وقادها إلى الذل والهوان وجعل المسلمون أشبه ما يكون بحالة الفريسة أمام عدوها الكاسر الغاشم. وقد حذر الرسول صلىاللهعليهوآله من هذه العاقبة التي ستؤول بالمسلمين ، إليك بعض تلك الأخبار :
قال صلىاللهعليهوآله : ليأبين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حدو النعل بالنعل.
وقال صلىاللهعليهوآله : إن بني إسرائيل تفرقت على اثنين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا واحدة.
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : لتفترق هذه الأمة على ثلاثة وسبعين فرقة والذي نفسي بيده إن الفرق كلها ضالة إلا من اتبعني وكان من شيعتي (٢).
المشايعة
الشيع : مقدار من العدد كقولهم أقمت عنده شهراً أو شيع شهر.
واشيعة : القوم الذين يجتمعون على الأمر. وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيع.
__________________
(١) تاج العروس ـ الزبيدي مادة تمرق.
(٢) انظر كنز العمال ١ | ١٨٣.