العوجاء ، الذي أثار التشكيك في كل لامعتقدات الإسلامية وبين الأحداث من المسلمين حتى أنه كان يستهزئ بالحج والطواف ورمي الجمار ، وكان يسخرمن الصلاة وهكذا حتى وصل به الأمر أن يعلن كفره بالنبي وبالله وأمام الناس وفي مسجد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال محمد بن سنان ، حدثني المفضل بن عمر قال : كنت ذات يوم بعد العصر جالساً في الروضة بين القبر والمنبر ، وأنا مفكر فيما خص الله تعالى به سيدنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الشرف والفضائل ، وما منحه وأعطاه وشرفه وحباه مما لا يعرفه الجمهور من الأمة وما جهلوه من فضله وعظيم منزلته ، وخطير مرتبته فإني لكذلك إذ أقبل ابن أبي العوجاء فجلس بحيث اسمع كلامه فلما استقر به المجلس إذ رجل من أصحابه قد جاء فجلس إليه ، فتكلم ابن أبي العوجاء فقال : لقد بلغ صاحب هذا القبر العز بكماله ، وجاز الشرف بجميع خصاله. ونال الحظوة في كل أحواله ، فقال له صاحبه : إنه كان فيلسوفاً ادّعى المرتبة العظمى والمنزلة الكبرى ، وأتى على ذلك بمعجزات بهرت العقول ، وضلت فيها الأحلام ، وفاصت الألباب على طلب علمها في بحار الفكر ، فرجعت خاسئات هي حسّر ، فلما استحاب لدعوته العقلاء والفصحاء والخطباء ، ودخل الناس في دينه أفواجاً ، فقرن اسمه باسم ناموسه فصار يهتف به على رؤوس الصوامع ، في جميع البلدان والمواضع التي انتهت إليها دعوته ، وعلتها كلمته ، وظهرت فيها حجته براً وبحراً ، سهلاً وجبلاً في كل يوم وليلة خمس مرات مردداً في الأذان والإقامة ، ليتجدد في كل ساعة ذكره ، ولئلا يخمل أمره.
فقال ابن أبي العوجاء : دع ذكر محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد تحير فيه عقلي ، وضل في أمره فكري.
حدثنا في ذكر الأصل الذي نمشي له ...
ثم ذكر ابتداء الأشياء ، وزعم أن ذلك بإهمال لا صنعة فيه ولا تقدير ولا صانع ولا ندبر بل الأشياء تتكوم من ذاتها بلا مدبر ، وعلى هذا كانت الدنيا لم نزل ولا نزال (١) وللإمام الصادق عليهالسلام عدة محاورات ومناظرات
__________________
(١) توحيد المفضل ٤١.