٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى الله
______________________________________________________
تشاغل عما يحتاج إليه بما لا يحتاج إليه.
ثم قال (ره) : يجب التحرز من الرياء فإنه يلحق العمل بالمعاصي ، وهو قسمان جلي وخفي فالجلي ظاهر ، والخفي إنما يطلع عليه أولو المكاشفة والمعاملة لله ، كما يروى عن بعضهم أنه طلب الغزو وتاقت نفسه إليه فتفقدها فإذا هو يحب المدح بقولهم : فلان غاز ، فتركه فتئقت نفسه إليه ، فأقبل يعرض على ذلك الرياء حتى أزاله ، ولم يزل يتفقدها شيئا بعد شيء حتى وجد الإخلاص مع بقاء الانبعاث فاتهم نفسه وتفقد أحوالها فإذا هو يحب أن يقال مات فلان شهيدا لتحسن سمعته في الناس بعد موته ، وقد يكون ابتداء النية إخلاصا وفي الأثناء يحصل الرياء ، فيحب التحرز منه ، فإنه مفسد للعمل ، نعم لا يكلف بضبط هواجس النفس وخواطرها بعد إيقاع النية في الابتداء خالصة ، فإن ذلك معفو عنه ، كما جاء في الحديث : إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها.
وأقول : قد مر بعض القول في ذلك في باب الإخلاص.
الحديث الثاني : حسن موثق وقد مر مثله في الرابع من باب ترك دعاء الناس.
« اجعلوا أمركم هذا » أي التشيع « لله » أي خالصا له « ولا تجعلوه للناس » لا بالانفراد ولا بالاشتراك « فإنه ما كان لله » أي خالصا له « فهو لله » أي يصعد إليه ويقبله وعليه أجره « وما كان للناس » ولو بالشركة « فلا يصعد إلى الله » أي لا يدفعه الملائكة ولا يثبتونه في ديوان الأبرار كما قال تعالى : « إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ » (١) والصعود إليه كناية عن القبول.
__________________
(١) سورة المطفّفين : ١٨.