رَبِّهِ أَحَداً » (١) قال الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس فهذا الذي أشرك بعبادة ربه ثم قال ما من عبد أسر خيرا فذهبت الأيام أبدا حتى يظهر الله له خيرا وما من عبد يسر
______________________________________________________
غيري فأنا منه بريء ، فهو الذي أشرك ، أورده مسلم في الصحيح ، وروى عن عبادة الصامت وشداد بن الأوس قالا : سمعنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : من صلى صلاة يرائي بها فقد أشرك ، ومن صام صوما يرائي بها فقد أشرك ، ثم قرأ هذه الآية وروي أن أبا الحسن الرضا عليهالسلام دخل يوما على المأمون فرآه يتوضأ للصلاة والغلام يصب على يده الماء فقال : لا تشرك بعبادة ربك أحدا ، فصرف المأمون الغلام وتولى إتمام وضوئه بنفسه ، انتهى.
وأقول : الرواية الأخيرة تدل على أن المراد بالشرك هنا الاستعانة في العبادة ، وهو مخالف لسائر الأخبار ، ويمكن الجمع بحملها على الأعم منها فإن الإخلاص التام هو أن لا يشرك في القصد ولا في العمل غيره سبحانه « تزكية الناس » أي مدحهم « أن يسمع » على بناء الأفعال.
« ما من عبد أسر خيرا » أي عمل صالحا بأن أخفاه عن الناس لئلا يشوب بالرياء ، أو أخفى في قلبه نية حسنة خالصة « فذهبت الأيام أبدا » قوله : أبدا متعلق بالنفي في قوله : ما من عبد.
« حتى يظهر الله له خيرا » حتى للاستثناء ، أي يظهر الله ذلك العمل الخفي للناس أو تلك النية الحسنة ، وصرف قلوبهم إليه ليمدحوه ويوقروه فيحصل له مع ثناء الله ثناء الناس ، وعلى الاحتمال الأول يدل على أن إسرار الخير أحسن من إظهاره ، ولكل فائدة ، أما فائدة الأسرار فالتحرز من الرياء ، وأما فائدة الإظهار من إظهاره ، ولكل فائدة ، أما فائدة الأسرار فالتحرز من الرياء ، وأما فائدة الإظهار فترغيب الناس في الاقتداء به ، وتحريكهم إلى فعل الخير ، وقد مدح الله كليهما ،
__________________
(١) سورة الكهف : ١١٠.