قال : اكتب أهل الوعيد من أهل الجنة وأهل النار واكتب « وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا
______________________________________________________
يتحقق فيهم وعد الثواب ووعيد العقاب قطعا إذا ماتوا على إحدى الحالتين.
وقوله : من أهل الجنة والنار بيان لأهل الوعيد ، أي جزما ، وهم الذين قال الله تعالى فيهم في سورة التوبة : « وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » (١) وقال في تلك السورة أيضا « وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ » (٢) فهاتان الفرقتان أهل الوعدين وقال أيضا في تلك السورة : « وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ » (٣).
قال الطبرسي : يعني من أهل المدينة أو من الأعراب آخرون أقروا بذنوبهم وليس براجع إلى المنافقين ، والاعتراف والإقرار بالشيء عن معرفة « خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً » يعني أنهم يفعلون أفعالا جميلة وأفعالا سيئة قبيحة ، والتقدير وعملا آخرا سيئا « عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ » ، قال المفسرون : عسى من الله واجبة وإنما قال عسى حتى يكونوا بين طمع وإشفاق ، فيكون ذلك أبعد من الاتكال على العفو وإهمال التوبة « إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » هذا تعليل لقبول التوبة من العصاة.
ثم قال (ره) : قال أبو حمزة : بلغنا أنهم ثلاثة نفر من الأنصار : أبو لبابة بن عبد المنذر ، وثعلبة بن وديعة ، وأوس بن حذام ، تخلفوا عن رسول الله عند مخرجه إلى تبوك ، فلما بلغهم ما أنزل فيمن تخلف عن نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم أيقنوا بالهلاك فأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد ، فلم يزالوا كذلك حتى قدم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فسأل عنهم فذكروا أنهم أقسموا لا يحلون أنفسهم حتى يكون رسول الله محلهم ، فقال رسول الله
__________________
(١) الآية : ٧٢.
(٢) الآية : ٦٨.
(٣) الآية : ١٠٢.