عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : بني الكفر على أربع دعائم : الفسق والغلو والشك والشبهة.
______________________________________________________
والشك على أربع شعب على التماري والهول والتردد والاستسلام ، فمن جعل المراء ديدنا لم يصبح ليله ، ومن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه ، ومن تردد في الريب وطئته سنابك الشياطين ، ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيهما.
ثم قال قدسسره : وبعد هكذا كلام تركنا ذكره خوف الإطالة والخروج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب.
وقال ابن ميثم في شرحه : وأما الكفر فرسمه أنه جحد الصانع أو إنكار أحد رسله عليهمالسلام أو ما علم مجيئهم به بالضرورة ، وله أصل وهو ما ذكرناه ، وكمالات ومتممات هي الرذائل الأربع التي جعلها دعائم له ، وهي الرذائل من الأصول الأربعة للفضائل الخلقية.
فأحدها التعمق وهو الغلو في طلب الحق ، والتعسف فيه بالجهل والخروج إلى حد الإفراط ، وهو رذيلة الجور من فضيلة الحكمة ، ويعتمد الجهل بمظان طلب الحق ونفر عن هذه الرذيلة بذكر ثمرتها ، وهو عدم الإنابة إلى الحق والرجوع إليه لكون تلك الرذيلة صارت ملكة.
والثانية التنازع وهو رذيلة الإفراط من فضيلة العلم ويسمى جربزة ويعتمد الجهل المركب ، ولذلك نفر عنه بما يلزمه عند كثرته وصيرورته ملكة من دوام العمى عن الحق.
الثالثة : الزيغ ويشبه أن يكون رذيلة الإفراط عن فضيلة العفة وهو الميل عن حاق الوسط منها إلى رذيلة الفجور ، ويعتمد الجهل ، ولذلك لزمه قبح الحسنة وحسن السيئة وسكر الضلالة ، واستعار لفظ السكر لغفلة الجهل باعتبار ما يلزمها من سوء التصرف ، وعدم وضع الأشياء مواضعها ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى رذيلة التفريط من فضيلة الحكمة المسماة غباوة.