______________________________________________________
وقد يكون الرجل ظاهر العدالة ولا محاسدة بينه وبين المذكور ، ولكن يكون من عادته التعرض للناس وذكر مساويهم ، فهذا قد يظن أنه عدل وليس بعدل ، فإن المغتاب فاسق وإذا كان ذلك من عادته ردت شهادته إلا أن الناس لكثرة الاعتياد تساهلوا في أمر الغيبة ولم يكترثوا بتناول أعراض الخلق ، ومهما خطر ذلك خاطر سوء على مسلم فينبغي أن تزيد في مراعاته وتدعو له بالخير ، فإن ذلك يغيظ الشيطان ويدفعه عنك ، فلا يلقى إليك الخاطر السوء خيفة من اشتغالك بالدعاء والمراعاة.
ومهما عرفت هفوة مسلم بحجة فانصحه في السر ولا يخدعنك الشيطان فيدعوك إلى اغتيابه ، وإذا وعظته فلا تعظه وأنت مسرور باطلاعك على نقصه لينظر إليك بعين التعظيم وتنظر إليه بعين الاستصغار ، وترتفع عليه بدلالة الوعظ وليكن قصدك تخليصه من الإثم وأنت حزين كما تحزن على نفسك إذا دخل عليك نقصان ، وينبغي أن يكون تركه ذلك من غير نصيحتك أحب إليك من تركه بالنصيحة ، وإذا أنت فعلت ذلك لكنت جمعت بين أجر الواعظ وأجر الغم بمصيبته وأجر الإعانة له على دينه.
ومن ثمرات سوء الظن التجسس فإن القلب لا يقنع بالظن وبطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس وهو أيضا منهي عنه ، قال الله : « وَلا تَجَسَّسُوا » فالغيبة وسوء الظن والتجسس منهي عنها في آية واحدة ، ومعنى التجسس أنه لا تترك عباد الله تحت ستر الله فتتوصل إلى الاطلاع وهتك الستر حتى ينكشف لك ما لو كان مستورا عنك لكان أسلم لقلبك ودينك ، انتهى.