______________________________________________________
أن يكون تمضمض به ومجه ، أو حمل عليه قهرا وذلك أمر ممكن ، فلا يجوز إساءة الظن بالمسلم ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الله تعالى حرم من المسلم دمه وماله وأن يظن به ظن السوء ، فلا يستباح ظن السوء إلا بما يستباح به الدم أو المال ، وهو بعين مشاهدة أو ببينة عادلة ، فأما إذا لم يكن ذلك وخطر ذلك سوء الظن فينبغي أن تدفعه عن نفسك وتقرر عليها أن حاله عندك مستور كما كان ، فإن ما رأيته فيه يحتمل الخير والشر.
فإن قلت : فبما ذا يعرف عقد سوء الظن والشكوك تختلج والنفس تحدث؟
فأقول : أمارة عقد سوء الظن أن تتغير القلب معه عما كان فينفر عنه نفورا لم يعهده ويستثقله ويفتر عن مراعاته وتفقده وإكرامه والاهتمام بسببه ، فهذه أمارات عقد الظن وتحقيقه ، وقد قال عليهالسلام : ثلاث في المؤمن لا يستحسن وله منهن مخرج فمخرجه من سوء الظن أن لا يحققه أي لا يحقق في نفسه بعقد ولا فعل لا في القلب ولا في الجوارح ، أما في القلب فبتغيره إلى النفرة والكراهة ، وفي الجوارح بالعمل بموجبه والشيطان قد يقرر على القلب بأدنى مخيلة مساءة الناس ، ويلقى إليه أن هذا من فطنتك وسرعة تنبهك وذكائك ، وأن المؤمن ينظر بنور الله وهو على التحقيق ناظر بغرور الشيطان وظلمته.
فأما إذا أخبرك به عدل فمال ظنك إلى تصديقه كنت معذورا لأنك لو كذبته لكنت جافيا على هذا العدل إذ ظننت به الكذب ، وذلك أيضا من سوء الظن ، فلا ينبغي أن تحسن الظن بالواحد وتسيء بالآخر ، نعم ينبغي أن تبحث هل بينهما عداوة ومحاسدة ومقت فيتطرق التهمة بسببه؟ وقد رد الشرع شهادة العدو على عدوه للتهمة ، فلك عند ذلك أن تتوقف في إخباره وإن كان عدلا ولا تصدقه ولا تكذبه ولكن تقول المستور حاله كان في ستر الله عني ، وكان أمره محجوبا وقد بقي كما كان لم ينكشف لي شيء من أمره.