مالم يأت اليقين فإذا جاء اليقين لم يجز الشك وكتب إن الله عز وجل يقول : « وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ » (١) قال نزلت في الشاك.
______________________________________________________
تعالى على إحياء الموتى والشك لا يجامع اليقين ، فعدم الجواز بمعنى الامتناع ، الثاني : أن يكون المراد باليقين ما يوجب اليقين ، فالشك بعد ذلك يكون تكلفا للشك وحملا للنفس عليه عنادا ، فالمراد بعدم الجواز عدم كونه معذورا في ذلك الشك ، وهذا يؤيد الوجه الأخير من الوجوه الثلاثة المتقدمة ، وقيل : في الآية وجوه أخر ، منها : أنه إنما سأله ليعلم قدره ومنزلته عند الله تعالى ، لأن الإسعاف بالمطلب الجليل يدل على رفعة شأن السائل ، وحينئذ فمعنى « أَوَلَمْ تُؤْمِنْ » أو لم تؤمن بمنزلتك عندي. ومنها : ما رواه الصدوق في العيون عن الرضا عليهالسلام أن الله كان أوحى إلى إبراهيم عليهالسلام إني متخذ من عبادي خليلا إن سألني إحياء الموتى أجبته ، فوقع في نفس إبراهيم عليهالسلام أنه ذلك الخليل ، فقال : رب أرني كيف تحيي الموتى ، قال : أو لم تؤمن قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي على الخلة.
ومنها : أنه أراد أن يكون له ذلك معجزة كما كانت للرسل.
ومنها : أنه كان له علم اليقين بالإحياء وإنما سأل ليعلم كيفية الإحياء كما يشعر به قوله : كيف؟.
ومنها : أنه إنما سأله أن يقدره على إحياء الموتى وتأدب في السؤال فقال : أرني كيف تحيي الموتى.
وقال بعض أهل الإشارة : رأى من نفسه الشك وما شك ، وإنما سأل ليجاب فيزداد قربا.
« وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ » هذه الآية بعد ذكر قصص الأنبياء عليهمالسلام وهلاك أممهم بمخالفتهم ، قال في المجمع : أي ما وجدنا لأكثر المهلكين من عهد ، أي من وفاء بعهد كما يقال فلان لا عهد له ، أي لا وفاء له بالعهد ، ويجوز أن يكون
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٠١.