______________________________________________________
ثم استثنى ضعفاء العقول الذين رفع عنهم قلم التكليف بالمعارف وهم الذين لا يستطيعون حيلة في الخروج عن الدنيا لضعف الرأي ولا يهتدون سبيلا إلى صاحب الولاية.
قيل : وقول الباقر عليهالسلام في تفسير المستضعف يمكن تطبيقه على تفسير الآية الكريمة ، وعلى تأويلها ، وإنما قال عليهالسلام في الكفر حيلة وفي الإيمان سبيلا للتنبيه على أنه لا سبيل إلى الكفر ، ولا دليل عليه ، ولو فرض شيء يفضي إليه فإنما هو حيلة نفسانية وشبهة شيطانية ، وقال في الخبر الآخر : لا يستطيع حيلة إلى الإيمان للإشعار بأن الحيلة كافية للخروج من الكفر إلى الإيمان ، أو لإرادة السبيل بها مجازا لاشتراكهما في الإفضاء والإيصال.
وأقول : الحاصل أنهم لضعف عقولهم وقلة فطانتهم لم تعرض لهم شبهة قوية فيستقروا في الكفر والجحود ، ولا داع قوي من الأغراض الدنيوية ٨ الحق لذلك ، واحتالوا في إبطال الدين وبراهين الأنبياء بإلقاء الشكوك والشبه ، وليس لهم قدرة على فهم الحق ودلائله فيرسخوا في الدين فهم لذلك معذورون في الجملة ، ويحتمل نجاتهم لذلك.
وأما ذكر الصبيان فقد عرفت في تفسير الآية توجيهه بوجوه ، وقيل : المراد بالصبيان الشباب في أوائل بلوغهم قبل الكمال المعرفة ، وأقول : يمكن تفريع هذا الكلام على الخلاف في وقت وجوب المعرفة ، وأن وجوبها عقلي أو سمعي فمن قال أن وجوب المعرفة عقلي وأنه يتعلق. بالمراهق قبل البلوغ ، فيمكن حمل الصبي في تلك الأخبار على معناه المصطلح ، ومن قال غير ذلك لا بد من حمله على أوائل البلوغ مجازا ، قال الشهيد الثاني رفع الله درجته : اعلم أن المتكلمين حددوا وقت التكليف بالمعرفة بالتمكن من العلم بالمسائل الأصولية حيث قالوا في باب التكليف أن المكلف يشترط كونه قادرا على ما كلف به ، إذ التكليف بدون ذلك محال ،