______________________________________________________
الظاهر أن يعلمهم عطف على يعرفهم ، وأن الضمير فيهما راجع إلى المؤلفة ، وأن قوله لكيما يعرفوا على صيغة المجهول علة لهما ، والمقصود أن إعطاءهم لأمرين أحدهما تأليف قلوبهم بالمال ليثبت إسلامهم ويستقر في قلوبهم ، وثانيهما أن يعرفهم ويعلمهم بأعيانهم لأصحابه حتى يعرفوهم بأنهم من الذين لم يثبت إيمانهم في قلوبهم ، وأنهم مؤلفة ، ولا يخفى ما فيه.
واعلم أن المؤلفة قلوبهم صنف من أصناف مستحقي الزكاة قال تعالى : « إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ » (١) ويظهر من هذه الأخبار أنهم قوم أظهروا الإسلام ولم يستقروا فيه ، فهم إما منافقون أو شكاك جعل الله لهم حصة من الزكاة والغنائم تأليفا لقلوبهم ليستقروا في الدين ويستعين بهم على جهاد المشركين ، قال ابن الأثير في النهاية : في حديث حنين : إني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم ، التآلف المداراة والإيناس ليثبتوا على الإسلام رغبة فيما يصل إليهم من المال ، انتهى.
والمشهور بين أصحابنا أنهم كفار يستمالون للجهاد ، وقال المفيد : المؤلفة قسمان مسلمون ومشركون ، وقال العلامة في القواعد : المؤلفة قسمان كفار يستمالون إلى الجهاد أو إلى الإسلام ، ومسلمون إما من ساداتهم لهم نظراء من المشركين إذا أعطوا رغب النظراء في الإسلام ، وإما سادات مطاعون ترجى بعطائهم قوة إيمانهم ، ومساعدة قومهم في الجهاد ، وإما مسلمون في الأطراف إذا أعطوا منعوا الكفار من الدخول ، وإما مسلمون إذا أعطوا أخذوا الزكاة من مانعيها ، وقيل : المؤلفة الكفار خاصة.
ونقل الشهيد في الدروس عن أبي الجنيد أنه قال : المؤلفة هم المنافقون ، وفي مؤلفة الإسلام قولان أقربها أنهم يأخذون من سهم سبيل الله ، وقال بعض
__________________
(١) سورة التوبة : ٦٠.