استنارة ما فيها نضحها بالحكمة وزرعها بالعلم وزارعها والقيم عليها رب العالمين.
______________________________________________________
لون سواه.
وقوله : على الإيمان ، متعلق بمطوية أو بمبهمة أو بهما على التنازع ، وقيل : حال عن القلوب أي خلقها كائنة على الإيمان ، وفي ذكر المطوية والمبهمة إشعار بأن إيمانها مغفول عنه ، وهو عبارة عن سهو القلب فلذا ذكره في هذا الباب ، قيل : ولما كان الخلق تابعا للعلم وكان علم الله عز وجل بالشيء قبل خلقه كعلمه به بعده ، وكان قلب المؤمن متصفا بالإيمان باختياره إياه ، صدق أنه تعالى خلقه على هذا الوصف ، فلا يلزم الجبر.
« فإذا أراد استثارة ما فيها » (١) أي تهييجها وسطوح أنوار ما كان كامنا فيها ، وفي بعض النسخ : استشارة ما فيها ، بالشين ، تشبيها لما في قلوب المؤمنين بالعسل في رغبة النفوس الصحيحة إليها ، في القاموس : الثور الهيجان والوثب والسطوح ، وأثاره وثورة واستثاره غيره ، وقال : شار العسل شورا استخرجه من الوقبة أي الموضع الذي اجتمع فيه كأشاره واشتاره واستشاره ، والنضح الرش وكان المراد بالحكمة العلوم اللدنية والإفاضات الربانية ، وبالعلم ما يكتسبه الإنسان بالتفكر والنظر والأخذ من الكتاب والسنة فأشار عليهالسلام إلى أن الكسب والنظر لا ينفع ولا يثمر بدون الإفاضات السبحانية وأن الكسب أيضا لا يتم إلا بالتوفيقات الربانية فشبه عليهالسلام العلم بالبذر والحكمة التي هي الإفاضات الربانية بالمطر ، فمن يطرح البذر في الأرض لا ينبت ولا ينمو إلا بالمطر الذي هو من فضله تعالى ، وبعد ذلك الإنبات من فعله سبحانه لا من فعل العبد ، كما قال عز وجل « أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ » (٢) حيث نسب الحرث إليهم لكونه فعلا لهم ، ونسب
__________________
(١) وفي نسخة « استنارة ما فيها » بالنون.
(٢) سورة الواقعة : ٦٤.