______________________________________________________
المحتضر بها.
الرابع : إفادتها أن سلسلة الممكنات منتهية إليه فلا يكون له موجد.
الخامس : أن من اتصف بجميع صفات الكمال لا يتصف بالمخلوقية والاحتياج.
السادس : أنه لو كان له إله لزم الدور أو التسلسل ، فوجب حصر الألوهية في واحد ، وروى العامة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسهم ما لم يتكلم به أو يعمل به ، قال بعضهم قال صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا بعد نزول النسخ أو التخفيف ، لقوله تعالى : « إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ » (١) فقال بعض الصحابة : من يطيق هذا؟ فقال : أتريدون أن تقولوا ما قال بنو إسرائيل سمعنا وعصينا ، قولوا سمعنا وأطعنا فقالوا ، فأنزل الله التخفيف بقوله : « لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها » (٢) الآية ، فقال عليهالسلام كالمبين والمفصل لجملتها : إن الله تعالى تجاوز لي ، إلى آخره.
فبين لهم ما رفع عنهم مما لا يطيقونه ، وهو حديث النفوس فأعلمهم أن له سبحانه أن يكلفهم ما يعلم أنه يشق عليهم معاناته بمقتضى عدله ، وعدله حسن ثم خفف عنهم برفع ما يعجزون عنه إظهارا لفضله ، والفضل عليهم أحسن ، والمراد بحديث النفس المعفو عنه ما لا يدخل تحت كسب العبد من الخواطر أولا ، والفكر فيما يخطر للنفس ثانيا ، فيتأمله ويتحدث هل يعمله أم لا ، فهذا معفو إلى أن يترجح في القلب الفعل أو الترك فيهتم به ، فإن كان خيرا كتب له حسنة ، وإن كان شرا لم يكتب ، فإذا قوي العزم صار نية فيعزم القلب وينوي ، فمن هناك يتحقق كسبه وفعله ، فتقع المؤاخذة والمحاسبة لقوله تعالى : « وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ » (٣)
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٨٤.
(٢) سورة البقرة : ٢٨٦.
(٣) سورة البقرة : ٢٢٥.