السماوات والأرض لنجوا بها قوله عز وجل : « إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ » (١) فمن أحبه الله لم يعذبه وقوله « الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً
______________________________________________________
الباطنة وهي الذنوب ، ويحب المتطهرين من النجاسات الظاهرة بالماء ، وقيل : يحب التوابين من الذنوب والمتطهرين الذين لم يذنبوا ، وقيل : التوابين من الكبائر والمتطهرين من الصغائر ، وقيل : التائبين من المحرمات والمتطهرين من المكروهات كالوطي بعد الحيض وقيل : الغسل ، وورد في الحديث أنها وردت في المتطهرين بالماء في الاستنجاء.
« الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ » وقال البيضاوي : الكروبيون أعلى طبقات الملائكة وأولهم وجودا وحملهم إياه وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم وتدبيرهم له ، أو كناية عن قربهم من ذي العرش ومكانتهم عنده وتوسيطهم في نفاذ أمره « يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ » يذكرون الله بجوامع الثناء من صفات الجلال والإكرام ، وجعل التسبيح أصلا والحمد حالا ، لأن الحمد مقتضى حالهم دون التسبيح.
« وَيُؤْمِنُونَ بِهِ » أخبر عنهم بالإيمان إظهارا لفضله وتعظيما لأهله ، ومساق الآية لذلك كما صرح به بقوله : « وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا » وإشعارا بأن حملة العرش وسكان الفرش في معرفته سواء ردا على المجسمة واستغفارهم شفاعتهم وحملهم على التوبة ، وإلهامهم بما يوجب المغفرة.
وفيه تنبيه على أن المشاركة في الإيمان توجب النصح والشفقة ، وإن تخالفت الأجناس لأنها أقوى المناسبات كما قال : « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ».
« رَبَّنا » أي يقولون ربنا وهو بيان ليستغفرون أو حال « وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً » أي وسعت رحمته وعلمه فأزيل عن أصله للإغراق في وصفه بالرحمة
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٢٢.